المجتمع.. ثقافياً

الصفحة الاخيرة 2021/11/14
...

حسب الله يحيى 
 
في كتاب لعالم الاجتماع الفرنسي الان تورين (براديغما جديدة لفهم عالم اليوم)، ترجمة: د. جورج سلمان / منشورات المنظمة العربية للترجمة؛ يرى تورين : «ان التحليل الاجتماعي، لم يعد اساس علم الاجتماع، وقد حل مكانه التحليل الثقافي»، وهذا معناه ان المجتمع بات يقاس على وفق وعيه ومخزونه الثقافي، لا على وفق تصرفاته وصراعاته وعلاقاته.
وهو مقياس مرهون بالمجتمعات المتقدمة حضاريا وليست في المجتمعات المقهورة، التي تعاني من الجهل والفاقة والفساد الذي يطحن اقتصاديات البلاد. 
نعم.. المجتمع كائن ثقافي، الا أن المشكلة تكمن في تغييب هذا الوعي في الكثير من المجتمعات المتخلفة، فما زال البعض (يفكر) بطريقة «ضعها في رقبة عالم واخرج منها سالم»، اي ان عددا واسعا من الناس، يبحث عن اجابات لدى الاخرين بدلا من ان تكون هذه الاجابات من عندياته ومسؤولياته وارادته وقناعته.
 ان وجود الانسان يستبق الوعي، من دون ان يتقاطع معه إذن، لماذا لا يكون لهذا الانسان خزينه ـ مهما كان فقيرا من الثقافة ـ لمواجهة مشكلاته والحقائق والمنغصات التي تواجهه في مسيرة حياته !
إن قدرا من الاصرار يمتلكه البعض، بحيث يتخلى عن مسؤوليته حتى في بناء نفسه وتحمل مسؤوليات اسرته، مما يجعله كائنا معطلا عن الوعي، باحثا عن نتائج مهما كانت.. سواء في صالحه او على الضد منه.
هذا ما يمكن وصفه بالكائن السلبي، الذي يستسلم بسهولة لقناعات الاخرين، التي تستقيم قبل ان تعنيه، ومصالحهم بالتاكيد فوق الجميع ..
هذا ما ينبغي ادراكه وتفهمه واستيعابه بدقة..
إن وعي المرء.. هو ارادته وثقافته، ولا يمكن ان يعول المرء على القناعات الكلية لسواه.
نعم.. المجتمع الذي يعرف موقعه، وعلى وفقه يحدد سلوكه ومن ثم يتخذ موقفه في ضوء رؤيته الثقافية وتفاعله بما يتخذ من قرارات تنم عن ذهنيته الصافية والقادرة على حسم الامور ذاتيا.