للمرة الثالثة وفي تأكيد على المطالب الشعبية خرج الجزائريون إلى الشوارع امس الجمعة لتنظيم مسيرات شعبية تطالب «بعدم ترشيح الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. وتزامنا مع يوم المرأة العالمي فقد كان حضور المرأة الجزائرية الشيء الاكثر سطوعا في تظاهرات امس اذ شاركت في التظاهرات بشكل لافت من بينهن شخصيات على غرار جميلة بوحيرد، في طليعة هذه التظاهرات التي جابت شوارع عديدة من المدن احتفالا باليوم العالمي للمرأة من جهة وضد العهدة الخامسة لبوتفليقة من جهة أخرى، والذي لا يزال متواجدا في المستشفى الجامعي بجنيف في سويسرا لتلقي العلاج.
وقد شاركت جميلة بوحيرد، رمز الثورة الجزائرية حيث قررت هي الأخرى التظاهر من «أجل الشعب والكرامة» الإنسانية.
وقالت في تصريح لجريدة «الوطن» الجزائرية « أشعر بأنني أعيش في أجواء تشبه الأجواء التي عرفتها خلال الثورة الجزائرية. أريد أن أبقى مع شعبي، هذا الشعب الكريم». وكانت بوحيرد قد شاركت في المسيرة التي نظمت في أول آذار الماضي حاملة العلم الجزائري.
«جمعة الحسم»
بدورها وصفت الصحافة الجزائرية التعبئة الشعبية بـ «جمعة الحسم» بسبب اتساع دائرة المناهضين للعهدة الخامسة والتحاق العديد من الجمعيات التي كانت سابقا تساند العهدة الخامسة بالمتظاهرين في الشارع، من بينها المنظمة الوطنية للمجاهدين وأبناء الشهداء، فيما عرفت بعض أحزاب الموالاة، مثل حزب جبهة التحرير الوطني، انشقاقات بداخله واستقالات من قبل بعض نوابه.
وتزايدت الضغوط على عبد العزيز بوتفليقة والمقربين منه غداة المسيرة التي نظمها امس الاول الخميس المحامون الجزائريون إلى مقر المجلس الدستوري بالعاصمة لمطالبة طيب بلعيز رئيس هذا المجلس بتفعيل المادة 102 من الدستور الجزائري التي تقر بشغور منصب الرئيس لأسباب صحية وتعيين رئيس مجلس الأمة رئيسا للبلاد لمدة ثلاثة أشهر، وهي الفترة المحددة قانونا قبل تنظيم انتخابات رئاسية جديدة. في المقابل رفض المجلس الدستوري الجزائري، تسلم رسالة من اتحاد المحامين الجزائريين، تطعن في دستورية ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية
خامسة. وأكد نقيب ولاية بومرداس، أحمد بن عنتر، الذي كان مشاركا في وفد حمل الرسالة إلى المجلس الدستوري الجزائري، أن المجلس «رفض تسلم الرسالة»، بعد أن قرر المجلس الدستوري مقابلة ممثلين عن اتحاد المحامين الجزائريين، الذين نظموا مسيرة باتجاه مقر المجلس.
موقف المعارضة
في الوقت نفسه أصدرت المعارضة الجزائرية امس، بيانا قالت فيه إنها ترفض إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 نيسان المقبل لما تشكله من خطر على البلاد حاليا بحسب بيان لها.
ودانت المعارضة في البيان الذي تلاه رئيس «حزب طلائع الحريات» علي بن فليس، تجاهل السلطة لمطالب الشعب الجزائري، والتضييق على وسائل الإعلام، مطالبين بفتح الإعلام العمومي واحترام مبدأ توفير الخدمة العمومية.
كما أكدت في بيانها، رفضها بقوة أي تدخل أجنبي بشؤون الجزائر الداخلية، في إشارة إلى بيانات سابقة للاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة، تؤكد متابعتها لتطورات الوضع بالبلاد، وتدعو إلى «احترام التظاهر السلمي». وكان علي بن فليس قد دعا إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية لستة أشهر، مقترحا تشكيل حكومة كفاءات مستقلة توكل لها مهمة تنظيم الانتخابات
الرئاسية. كما دعا إلى تجميد مهام اللجنة المستقلة للانتخابات وتعيين تركيبة جديدة للمجلس الدستوري بناء على قرار من الحكومة، وتحييد الإدارة عن تنظيم الانتخابات الرئاسية.
وبن فليس، أحد رموز المعارضة الجزائرية حاليا ورئيس وزراء أسبق، كان منافس بوتفليقة الرئيس في انتخابات 2004 و2014 وشارك في التظاهرات الرافضة لترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
تحذير وإشادة رئاسية
وبشأن التظاهرات الشعبية حذر الرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة، من اختراق المسيرات الشعبية في البلاد، في رسالة له بمناسبة إحياء «اليوم العالمي للمرأة» قرأتها نيابة عنه وزيرة البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية والرقمنة، هدى
إيمان فرعون.
ودعا بوتفليقة امس إلى الحذر والحيطة من «اختراق هذا التعبير السلمي من طرف أية فئة غادرة داخلية أو أجنبية التي قد تؤدي إلى إثارة الفتنة وإشاعة الفوضى وما ينجم عنها من أزمات وويلات».
وأشاد بوتفليقة بالطابع السلمي للمسيرات الشعبية التي شهدتها مختلف الجهات في الأيام الأخيرة وبنضج المواطنين لاسيما فئة الشباب، بحسب وكالة الأنباء
الجزائرية.
وأضاف في رسالته «شاهدنا منذ أيام خروج عدد من مواطنينا ومواطناتنا في مختلف ربوع الوطن للتعبير عن آرائهم بطرق سلمية ووجدنا في ذلك ما يدعو للارتياح لنضج مواطنينا بما فيهم شبابنا وكذا لكون التعددية الديمقراطية التي ما فتئنا نناضل من أجلها باتت واقعا معيشا».