إياد مهدي عباس
عندما نتعرف على أهمية إجراء التعداد السكاني في اي بقعة من العالم وما ينتجه من بيانات مهمة نستغرب حينها من غياب هذه الممارسة في العراق منذ 1997 ولغاية 2019 . فالتعداد السكاني أصبح اليوم مطلبا أساسيا يساعد اي دولة في وضع الخطط والبرامج التنموية كما يساعدها في تصنيف وتحليل وتقييم ما تحصل عليه الدولة من بيانات ديمغرافية واقتصادية واجتماعية تتعلق بالسكان خلال فترة زمنية محددة ولذلك نرى بان الدول تحرص على إجرائه كل 10 سنوات على الأقل حسب توصيات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المختصة .
وكما يعرف الجميع ان المناكفات السياسية قد أسهمت بشكل كبير في تأجيل التعداد السكاني في العراق لأكثر من مرة حيث كان من المفترض ان يتم في 2007 الا ان الخلافات بين الكتل السياسية ساهمت في تأجيله الى 2009 ولكنه لم يتم لحد
الان .
ونحن هنا لسنا بصدد إلقاء اللوم على القوى السياسية في تأجيل هذه الممارسة المهمة فقط بل نريد ان نوضح أهمية التعداد السكاني لدولة مثل العراق تعرضت لعدة حروب طاحنة وتدمير للمدن وانتشار للبطالة والفقر وتحاول الحكومات فيها ان تنهض من جديد وتريد ان تبني وتقدم الخدمات لشعب صبر كثيرا وهو ينتظر هذه الخدمات التي اذا أردنا فعلا ان نقوم بتقديمها للناس فلا مناص لنا من الذهاب الى التعداد السكاني الذي تتوقف عليه معرفة الدولة للاحتياجات الحقيقية
والدقيقة .
فعلى سبيل المثال عندما تعرف الحكومة العدد الدقيق لسكان اي محافظة او قرية فعندها يمكن ان تخصص لهم عدد المدارس او المراكز الصحية التي تتناسب مع أعدادهم ولابد ان تكون هناك بيانات دقيقة حول النمو السكاني والعاطلين عن العمل من اجل وضع الدراسات الخاصة بتوظيفهم حسب اختصاصاتهم وبيانات أخرى مهمة كأعداد الأرامل والأيتام والأسر التي لا تمتلك دارا سكنية من اجل توفير مجمعات سكنية لهم حسب الوضع الاقتصادي وحسب النسب السكانية في
المحافظات .
ومن خلال نظرة الى الاستمارة الخاصة بالتعداد السكاني نجد انها ترصد حالات مهمة كالهجرة من العراق وآليه وتوزيع السكان على المدينة والقرية والكثافة السكانية وعلاقتها بالموارد الطبيعية وتوزيع السكان بطريقة ملائمة ومعرفة الفئات العمرية والعمالة الخارجية ومعدل المواليد والوفيات ووصول الخدمات كالكهرباء والماء الى القرى النائية وتوزيع المهن وعدد المستفيدين من الخدمات الصحية وكل ما ذكرناه يتعلق بشكل كبير بالحالة الاقتصادية وتقديم الخدمات من قبل الدولة للمواطن حسب بيانات دقيقة يمكن الاعتماد عليها بالإضافة الى ان هذه البيانات تسهم في حل الكثير من الصراعات السياسية حول توزيع الموازنة العامة للدولة العراقية على المحافظات حسب النسب السكانية الدقيقة.ما نريد ان نقوله هنا بان الحكومة العراقية اذا ما أرادت تقديم الخدمات وفق بيانات واحصائيات ودراسات دقيقة فعليها إجراء تعداد سكاني أسوة بدول العالم الأخرى.