الضمير الشعبي

آراء 2022/02/10
...

  كاظم الحسن
 
ثمة اعتقاد أن الأمثال الشعبية، تعبّر عن وجدان الشعوب، وأنها صائبة في مدلولاتها الاجتماعية، وهو رأي فيه مبالغة، لأن البعض من الأمثال لا يصلح لكل زمان ومكان، على سبيل المثال، (حرامي لا تصير من السلطان لا تخاف)، لماذا لا يكون العكس؟ اي السلطان لا يكون حراميا ومن الشعب لا يخاف، هنا تجريد الحاكم من القدسيَّة وتعريته تماما من سطوته وجبروته، كي لا يطغي ويستفحل ويتغول على الشعب، وهو يؤكد أن الحاكم أكبر وأعلى من القانون وأن المسألة عن السرقة والفساد، تخصُّ المواطن لا هو، وهي أمثال تعبرُّ عن السلطوية والاستبداد وقبول الظلم من السلطان وكان يعبر عن ذلك في العهد العثماني، بالباب العالي اي السلطة العليا وهذا المثل يبرئ الحاكم من سرقة المال العام. ومن الأمثال الغريبة التي نسمعها كثيرا.
"الشين الي تعرفه احسن من الزين الي ما تعرفه"، وهو كلام يدعو الى الجمود وعدم التجديد والخوف من كل شيء جديد، ويقتل الإبداع ويؤدي الى الثبات على التقاليد والتحجر على ما هو قديم. ومن الأمثلة التي بحاجة الى فحص عقلاني "الضحك بلا سبب من قلة الادب"، وهي حالة شاذة لأن الطبيعي هو الضحك وتقام في اوروبا حفلات للضحك بلا سبب وتؤدي الى حالة من الاسترخاء.   
  هذه الحالة المرضية، يجب ان تشخص وتدرس من قبل خبراء نفسيين لتطهير المجتمع من ادرانها، وقد يكون المثل الطبيعي، هو  العصبية بلا سبب من قلة الادب، لأن العصبية تؤذي الناس وليس الضحك. ثمة أمثال أخرى يرددها البعض، من دون أن يعرف مدلولها مثل "أكل ما يعجبك وألبس ما يعجب الناس"، هذ قضايا خاصة لا تحتاج لإذن أو موافقة من الناس وهي دليل على انعدام الحدود بين العام والخاص. تعبر عن غياب الاعتبار، للحياة الخاصة  يكون هذا المثل "السمك مأكول مذموم"، فيه شيء من الصحة وهو يعبر عن نكران المعروف والاحسان وتغليب الانانية وعدم الشعور بالامتنان، اتجاه من يحسن الى الاخر وهو يقدم لهم افضل 
ما عنده. 
لكن جزاء هذا الاحسان هو النكران؟ وهو يقترب من مقولة "اتقِ شرا من أحسنت اليه". الكثير من الأمثال بحاجة الى اعادة فحص وتقييم وغربلة ولا يجب أن تؤخذ على علّاتها بذريعة أنها فولكلور او تراث شعبي يجب الحفاظ عليه، لأنها قد تشكل منهجا خاطئا في الحياة، وتجعل هذه الأمثال مثلا اعلى لهم في الاقتداء بها، بصرف النظر عن ضررها ونتائجها السلبيَّة على خيارات الأفراد في الحياة .