الغذاء والورقة البيضاء

آراء 2022/02/19
...

 جواد العطار
 
في سبعينيات القرن الماضي عندما أطلق البعثيون سياسة التقشف لم تتأثر أسعار المواد الغذائية الأساسية رغم التضييق المالي على الناس لسنوات، وفي عام ٢٠١٦ عندما أعلن العبادي سياسة التقشف لمواجهة انهيار أسعار النفط عالميا ولتغطية كلفة الحرب على داعش في حينها لم تتأثر أسعار المواد الأساسية، لأنها قوت الفقير ومصدر مهم من مصادر التواصل والرعاية بين الدولة - الأم والشعب الابن بكل فئاته ومدخل للاستقرار والحفاظ على نسيج المجتمع وكرامة وقوت الفقراء بالذات.
لكننا اليوم نشهد ارتفاعا كبيرا في أسعار السلع الأساسية رغم تعاظم العائدات النفطية، التي قارب سعر برميلها التسعين دولارا وأكثر، فأين الرقابة الحكومية على الأسعار؟ وأين دورها في دعم السلع الغذائية الأساسية وإيقاف ارتفاعها؟.
للأسف كل ما تقدم اختفى، فمنذ بداية العام ٢٠٢١ التي أطلق فيها رئيس الوزراء الكاظمي الورقة البيضاء، والدنيا اسودت بوجه أبناء البلد من طبقته المتوسطة الى سواده الاكبر من الفقراء. فالورقة البيضاء التي رفعت سعر الدولار تضمنت في مقابله دعما للفقراء لم يشهدوا منه سوى خمس سلات غذائية لأكثر من عام وأكثر موادها غير مطابقة لما توزعه الحكومة، بعد أن نخرها الفساد مثلما حدث لسابقتها البطاقة التموينية. واليوم تشهد الأسواق ارتفاعا كبيرا في أسعار المواد الغذائية الأساسية قوت الفقير من طحين وسكر ورز وبشكل جنوني له تداعيات كارثية على شعب عدد سكانه ٤١ مليونا، فيه أكثر من خمسة ملايين يتيم وأكثر من مليوني أرملة وأكثر من مليون معاق وقرابة أربعة ملايين عاطل عن العمل، وفقا لإحصائيات رسمية، فهل يجوز أن نطبق إصلاحات اقتصادية على قوت الفقراء لسنوات ونترك حيتان الفساد؟!.
إنها رسالة مفتوحة الى السيد الكاظمي والى كل من يهمه أمر الشعب المسكين المغلوب على أمره، نشد على أيدي كل من يريد الإصلاح الاقتصادي ومحاربة الفساد، لكن التفتوا الى الفقراء لأن أسعار الغذاء أصبحت أعلى من أيام الحصار.