سعادة المرأة من دون قدرتها على الإنجاب

اسرة ومجتمع 2019/03/15
...

بيروت/ غفران المشهداني
في كثير من الأحيان يعد حلم إنجاب الأطفال عاملا أساسيا للارتباط، ولا شك ان وجودهم يعد تتويجاً للسعادة الزوجية المشتركة، غير ان بعض الزوجات لا يُرزقن بأطفال لأسباب خارجة عن إرادتهن ويستغرب كثيرون كيف يمكن للزوجة التي لن تصبح أماً أن تشعر بالسعادة وتعطي للآخرين طاقة إيجابية ويستمر زواجها وتعيش سيدة مجتمع ناجحة.
عدم الاختلاط
تشير المغتربة الجزائرية هوازن إبراهيم من “الدكوانة” الى ان” فشلي في الحمل جعلني أشعر أنني لا أعمل كامرأة بدأت أشعر بالاستياء من النساء اللواتي حملن بسهولة، لقد وجدت صعوبة في رؤية الحوامل في المجتمع، وكان كل طفل التقيه تذكيرًا بما أردت ولكن لم يكن لدي، حتى أنني وجدت نفسي لا أريد الاختلاط مع أصدقائي الذين لديهم أطفال، أو حضور مناسبات اجتماعية فيها من القريبات والصديقات حوامل ولكن بفضل وجود زوج رائع مثل شريكي جعلني  أعيش حياتي بشكل طبيعي بمرور السنوات، كما استطعت ان أشغل نفسي في العمل رغم عدم وجود طفل في حياتنا .”
مضيفة” اقتنعنا ان السعادة ليس بوجود طفل ورغم إن الحمل والولادة تجربتان رائعتان تتمناهما كل امرأة ولكن ألا تكون الزوجة أما فهذا ليس نهاية العالم، حاليا الكثير  من الأمهات يحسدونني على سعادتي مع زوجي ورحلات السفر والتفرغ للعيش والتمتع بالحياة وبناء شخصيتي، حيث هن متقيدات بأطفالهن ولا يستطعن مغادرة المنزل، حينها أيقنت ان كل امرأة لديها هم في حياتها ولا يعني ان من لديها أطفالاً هي خالية من الهموم لذا أنا سعيدة بما أملك بل وأشعر بالقوة في هذه الحياة”.
 
سؤال الأقارب
فيما تقول المواطنة اللبنانية نيبال فادي من منطقة “ فردان “: “أنا سعيدة في حياتي رغم إنني امرأة عاقر لقد كنت طوال الوقت أندب حظي وأبكي بعد فشل عملية التلقيح المجهري وسلسلة طويلة من المراجعات عن طبيبتي النسائية ولكن الرب لم يرزقني وهذه مشيئته ولولا سؤال الأقارب والمتطفلين الدائم ...متى ستنجبين طفلاً؟، لكنت أكثر سعادة مما أنا عليه اليوم “.
مشيرة الى ان” كل زوجة ستشعر بالاكتئاب لأنها ماتزال لم تصبح أماً ولكن ستعلم كل واحدة منهن في النهاية انها مشيئة الله ومن يدري ربما بعد مدة ستفاجأ انها حامل فأنا اسمع عشرات القصص من النسوة اللواتي مضى على زواجهن أكثر من عشر سنوات وفجأة نسمع البشرى انها حامل وستصبح أما، لنثق بالرب وبعطاياه ونعيش حياتنا كما هي ونتأقلم معها سنشعر بسعادة كبيرة وثقة عالية بالنفس رغم إننا لم نصبح أمهات في الوقت الحاضر”.
 
عالم خاص
تقول المغتربة السورية سمر موسى رحمة 35 سنة من منطقة البقاع : “ أعلم أن وجود الأطفال في حياتي يضيف حزمة من الفرح عليها كما يعمل على تقوية علاقتي بزوجي ولكن في الحقيقة  لم يكن الهدف الوحيد لي ولزوجي سامي  هو إنجاب الأطفال، فنحن صنعنا عالما خاصا بنا  والا كان من المؤكد بأن علاقتنا تنتهي إذا لم يكن أحدنا قادراً من الإنجاب”.
مضيفة “ رغم إنني أعاني من العقم الا إن زوجي متمسكٌ بي وأنا سعيدة بحياتي معه لأن زواجنا قائم على أسس أخرى، والإنجاب لن يشكل عائقاً أمام استمراره”.
 
طفلي المدلل
بينما تقول المغتربة الفلسطينية سؤدد عبد الرحمن 47 سنة من منطقة طريق جديدة: “ كثير من الزوجات يخجلن من الاعتراف بأنهن غير منجبات ولكنني لا أخجل من ذلك وأعترف بأنني السبب في عدم
الإنجاب”.
موضحةً: “لا أنكر إنني أحزن كثيراً عند رؤية أم تدفع عربة فيها صغيرها أو مشاهدة امرأة تبدو عليها الحمل في الأشهر الأخيرة ولكن هذا الوجع لم يجعلني أشعر باليأس وتغيير نمط حياتي أن أكون زوجة سعيدة برفقة زوجي الذي أعتده طفلي المدلل وهو في المقابل يشعرني بحبه وأكد لي مراراً إن سعادة زواجنا لن تقف على الأطفال خصوصاً وأن كثيرا من الأزواج الذين أنجبوا ليسوا سعداء وانتهى بالطلاق ومشاكل طويلة في المحاكم لذلك أنا قنوعة بما قدره الله لي “.
 
مودة
تقول الباحثة النفسية غنوة سليم : “بالتاكيد إن وجود الأطفال في حياة الزوجين يعطى للحياة لونا آخر ولكن ليس معنى هذا أن تهدم الأسرة أو يطلق الرجل زوجته لأنها لا تنجب، فهناك الحب والمودة التي تجمع الشريكين وقد يكون وجود الأبناء نقمة في حياتهما وهما لا يعلمان ذلك”.
 
الطاقة الايجابية
وتضيف سليم:  {للحب مراحل وأكثرها قوة هي من يجعل الحياة بين الزوجين تستمر من دون أولاد، فالعلاقات الإنسانية لا يمكن تعميمها فكل إنسان له ظروفه وهناك زوجات أنجبن بعد سنوات طويلة من الزواج وليس العيب فيهن أو في ازواجهن ولكن هذه قدرة وحكمة من الله لابد أن نتعلم منها فالمال والبنون نعمة من الله والحرمان من أحدهما لا يعنى التعاسة والشقاء ودائما أنقل تجربتي للنساء اللواتي يقمن بزيارتي في العيادة فأنا متزوجة منذ أربعة عشر عاماً ولم أنجب وأمنحهن الأمل والتفاؤل والطاقة الإيجابية والمواساة رغم إنني أعاني المشكلة ذاتها ولكن أقول لكل امرأة لم تنجب لا تبني سعادتكِ على شيء واحد إن لم يتحقق معنى ذلك ستعيشين حزينة بل أسسي حياتكِ على عدة أسس ومشاريع وقرارات للنجاح والسعادة ودائما حاولي أن تجدي البدائل فالحياة السعيدة لا تقف على شيء واحد 
أبداً».