درس الفنيَّة.. الارتقاء بالذوق الفني

اسرة ومجتمع 2022/03/11
...

   سرور العلي 
تشكل حصة التربية الفنيَّة أهمية كبيرة للأطفال، كونها تعمل على بناء شخصياتهم، وتنمي لديهم الجانب المهاري، والإبداعي والتعبير الفني، وتكشف عن مواهبهم، وتسهم في تنمية قدراتهم بالملاحظة، والذكاء والوعي والإدراك، ولكن اليوم تعاني معظم مدارسنا من إهمال كبير لتلك الحصة، ويتم الاستغناء عنها لصالح حصص أخرى.
وفي هذا الاستطلاع سلطت (الأسرة والمجتمع) الضوء على هذا الموضوع، للبحث عن أسباب الإهمال، وإيجاد المقترحات للاهتمام به من جديد
 الدكتورة ناز بدر خان السندي أوضحت : {حصة التربية الفنيَّة الآن مهمشة ومهملة في المدارس، كبقية الحصص الترفيهية كالرياضة، والتربية الأسرية، والاقتصاد المنزلي، الذي كان يدرس في السابق، وهي دروس مهمة جداً للتلاميذ، فيجب ألا نهتم بالجانب المعرفي والعلمي للطفل فقط، بل هناك الكثير من الأمور التي تجعل لديه دافعية، وحب للمدرسة، لذلك علينا أن نعطي الاهتمام للجوانب الأخرى، وميول الأطفال حتى نحفز الدافعية لديهم».
 
مواهب مختلفة 
وأضافت السندي : «يمكننا جذب التلميذ من خلال تقدير الجانب الوجداني لديه، والمهاري والإبداعي، فنحن اليوم نهتم بالجانب المعرفي فقط، وهذا خطأ كبير نرتكبه فإلغاء هذه الحصة، وعدم اعطائها أهمية، كأنما نلغي الجوانب الأخرى للطفل، لا سيما أن هناك الكثير من الأطفال لديهم مهارات وطاقات، ومواهب، وبالعكس فإن الاهتمام بتلك الحصة سيحثهم على تعلم الحصص الأخرى، ويحببهم في البيئة التعليمية، وسيكشف عن هواياتهم المختلفة، كالرسم، والعزف، والسباحة، والرياضة، كما من الضروري عدم سلب وقت هذا الدرس، كونه يعد متنفساً، ويهتم برغبات التلاميذ، ويحفزهم على الاستمرار بالتعلم».
 
نتائج سلبية 
الفنان التشكيلي والتدريسي عقيل خريف بيّن :»يرجع إهمال درس التربية الفنيَّة في المدارس إلى تدهور في الغنى الثقافي للمجتمع، والذي بدأ مع سنوات الحصار، إذ تشير بعض الآراء إلى أن إهمال هذا الدرس رافقه إهمال العديد من النشاطات، كالكشافة والرياضة، والسفرات المدرسية الثقافية، وكل ذلك انعكس سلباً على مزاج الطالب الدراسي، وخلق نفوراً لدى البعض أدى إلى ترك المدرسة، بسبب تحويل الحصص الدراسية لحلقات مملة تشبه حلقات الانضباط العسكري، وأقصد غياب الأنشطة الفنيَّة والرياضية وغيرها».
وتابع خريف حديثه: «ومن مساوئ اضمحلال درس الفنيَّة أيضاً، انعكاسه في الحياة الجامعية بشكل سلبي على طلبة الفن والعمارة والطب، فالطالب الذي يصل إلى هذه الاختصاصات سيتفاجأ بأن عنصر المعرفة الأدائية غير متوفر لديه، بسبب عدم ممارسته لدرس التربية الفنيَّة، والذي يعد ركيزة مهمة في تلك المجالات، فمثلاً طالب العمارة يحتاج إلى مخيلة كي يرسم افكاره، وطالب الطب أيضاً يحتاج إلى مهارة في ترميم تشوهات الحوادث، ونحت الأسنان، وأنا كتدريسي أعطي لطلبة العمارة الجانب الفني، وأواجه صعوبة كبيرة في تطوير مهارة الطالب على الرسم الحر، بسبب إهمال درس التربية الفنيَّة في المدارس الابتدائية والمتوسطة والإعدادية».
 
مقترحات 
وتقترح معلمة التربية الفنيَّة فاطمة حسن: «أن يتم اعتبار تلك الحصة ضمن الحصص الأساسية التي تدرس للطالب، وعدم تهميشها من قبل البعض، كونها تعطي للتلاميذ فرصة لاكتشاف ذاتهم، وطاقاتهم الإبداعية والتعلم، وكذلك ضرورة القيام بالأنشطة الفنيَّة والترفيهية، ورعاية المواهب، وتوفير جو ملائم لمواصلة عملية الإبداع، والتعبير عن مشاعرهم، وعما يدور بأذهانهم، لا سيما أن بعض معاناة الأطفال تكتشف من خلال رسوماتهم، وتوفير تربويين مؤهلين لرعاية التلاميذ الموهوبين ودعمهم، كما أن التربية الفنيَّة لا تقتصر على الرسم فقط، بل هناك الأشغال اليدوية والحرف، والنحت والزخرفة التي تساعدهم على تعلم صناعات مختلفة».
 كما من المهم جداً القيام بالمسابقات والتنافس بين المدارس، وعقد الورش الفنيَّة لتحفيز مواهبهم، بالإضافة إلى أن الاهتمام بتدريس الفن للطلبة سينعكس على اختياراتهم، ويرتقي بذوقهم الفني، ويكون لديهم نقداً بناء، ويساعدهم في اختيار التخصص الذي يطمحون إليه.