هل سيتغيّر حلف الناتو؟

الرياضة 2022/03/16
...

علي حسن الفواز
 
هل سيُغيّر حلف الناتو توجهاته؟ وهل ستبحث "الليبرالية الجديدة" عن تداولية أخرى لأفكارها وبرامجها وأسواقها؟.
هذه الأسئلة ليست بعيدة عن الواقع، ولا عن معطيات الصراع الدولي، لكنها تكشف عن مدى المأزق السياسي الذي بات يعاني منه " الغرب الديمقراطي" بسبب إسقاطات الحرب في أوكرانيا، والخوف من تحوّلها إلى "حرب عالمية" لا يمكن التكهن بمعطياتها.
تمظهرات الواقعية الضاغطة، فضحت عيوب النظام الرأسمالي، وكشفت عن هشاشة الحلف العسكري وضعفه في مواجهة تلك الواقعية، على مستوى تنفيذ سياسات أمنية مضادة، أو على مستوى دعم هذه السياسات ماليا ولوجستيا، إذ بدت المجازفة رهانا لا عقلانيا، كما أن أزمات اللاجئين بدت وكأنها تهديد انثربولوجي لمجتمعات لم تعد تملك ذاكرة مسلحة، وأنّ من يحميها هي الديمقراطية، والقوة المادية والترسانة العسكرية للغرب.
الحرب أسقطت خطاب الليبرالية الجديدة، وقوّضت تأليهها للأسواق والثروات الضخمة، والجغرافيا السياحية، إذ خسرت أوروبا أسواق الروس والأوكران الكبيرة، مثلما صنعت لها "عدوا" يملك ترسانة نووية عند شرقها، فضلا عن تعرّض مفهوم اجتماع الرفاهية إلى انتهاك واقعي، من خلال تهديد الروس بقطع الغاز عن أوروبا، وتحويل المفاعل النووية في تشرنوبيل وزابوروجيا إلى بؤر تهديد حقيقي لنمط الحياة في الشرق الأوربي، مثلما ستجعل من أوروبا عرضة لتهديد جماعات العنف التي أعلنت تطوعها للقتال مع روسيا أو مع أوكرانيا.
إن الدفع السياسي باتجاه معالجة تعقيدات الحرب يُفقد حلف الناتو قدرته على أية مواجهة حقيقية مع روسيا، وحتى في التوسع شرقا، لأنّ شروط الرئيس الروسي تتمركز حول حيادية أوكرانيا، والتي قد تشمل الدعوة إلى حيادية دول أخرى يخطط الناتو إلى ضمّها إلى دائرته العسكرية، وبالتالي ستكون الفرص على المناورة ضعيفة، ومحدودة في السيطرة على الجغرافيا الملتهبة، وحتى التفاوض حول نهاية هذه الحرب الملعونة سيكون محكوما بشروط تضبط الجغرافيا السياسية، وتخضعها إلى آليات تقوم على منع التمدد، وعلى منع تغويل التسلّح لدول لا تملك استعدادات واقعية لحرب أخرى تُهدد الحياة والأسواق والرفاهية.