شٌكلت مؤخرا لجنة عليا لمعالجة تلوث المياه في البلاد تضم في عضويتها مسؤولين من الدوائر والوزارات المعنية بهذا الشأن لوضع الحلول الناجعة لهذه المشكلة بعد ازدياد نسب التلوث الذي تشهده الانهر ما يشكل خطرا على صحة المواطن، وقال الوكيل الفني لوزارة الصحة والبيئة الدكتور جاسم عبد العزيز الفلاحي لصحيفة “الصباح”: إن معالجة التلوث موضوع حيوي وحساس كونه مرتبطا بصحة المواطن ووزارتنا استنادا الى دورها الرقابي هي الجهة المعنية بمخاطر تلوث المصادر المائية وسبب التلوث اننا قد مررنا بسنوات شح مياه عجاف وقلة في تساقط الامطار، ونقص في الايرادات المائية من دول المنبع.
وأدت سياسة كل من تركيا وايران الى تقليل الحصص المائية بشكل كبير، وكل هذا انعكس سلبا على نوعية المياه التي تصل الى العراق، ولم يكن هذا الموضوع بارزا في سنوات الوفرة المائية نتيجة مبدأ ان الانهار تنظف
نفسها.
وما حصل في البصرة في العام الماضي هو ابسط مثال على ما يمكن ان يحدثه التلوث من تاثير مباشر في صحة الناس، واكثر التلوثات مصدرها وسببها مؤسسات ووزارات الدولة ويؤسفني القول ان هذه الوزارات لم تبذل جهودا من اجل معالجة التلوث والذي سببه القاء الملوثات السائلة بشكل مباشر في نهر دجلة.
تشكيل لجنة
ويواصل الفلاحي حديثه مضيفا أن هذا ما حدى بالسيد رئيس الوزراء الى تشكيل لجنة باشرافه ويراسها وزير الصحة والبيئة ووكلاء الوزارات المعنية وهم وكلاء الصحة والبيئة والصناعة والكهرباء والنفط والزراعة والموارد المائية وامانة بغداد ووزارة البلديات والاعمار والاسكان بالاضافة الى جهات اخرى، وهدف هذه اللجنة وضع خطة في مديات زمنية تكون واقعية وقابلة للتطبيق، ومن المعروف ان هناك مئات من اللجان ولكن نتائجها ونهاياتها مع الاسف غير واضحة، لكن عمل هذه اللجنة مختلف تماما فخلال شهرين انجزت عملها، وتم وضع قاعدة بيانات متكاملة عن كل ما يلقى في المصادر المائية من ملوثات، سواء كانت صرفا صحيا بلديا او مخلفات صناعية او ناتجة عن محطات توليد الكهرباء الحرارية او كيميائية او فيزيائية، بالاضافة الى مخلفات وزارة الصناعة ومخلفات البزل وما ينتج عن استعمال الاسمدة والمبيدات، وتم وضع خطة قصيرة الامد لمدة 6 أشهر، وتوفير الامكانيات المادية لها، ووضعت خطة متوسطة لمدة سنتين، وطويلة الامد لمدة خمس سنوات.
واللجنة مفتوحة والمفروض ان العراق سيكون خاليا من تلوث المصادر المائية، وخلال 6 أشهر نرفع مستوى المياه المعالجة، وهذا يشكل تطورا كبيرا وقد اكتشفنا ان هنالك محطات للمعالجة موجودة في المخازن كانت بحاجة الى اجراءات ادارية بسيطة من قطع الغيار.
ويشير الفلاحي الى ان التلوث واحد من اهم اسباب الوفيات في العالم بعد ان كانت حوادث السيارات اهم اسباب الوفيات، ولذلك يحظى دور وزارة الصحة الرقابي باهتمام كبير من رئيس الوزراء والسيد الوزير، وضرورة ايلاء ملف المياه الاهتمام الكبير لاننا مقبلون على صيف قائض مرتفع درجات الحرارة وتغيرات مناخية يمكن ان تتسبب مشاكل جدية.
ولفت الفلاحي الى ان قرار اللجنة مركزي وملزم على كل الوزارات وعلى كل وزارة مهام ملقاة على عاتقها، وباشراف مباشر من رئيس
الوزراء.
وهناك تقارير اسبوعية ترفع الى لجنة في مكتب رئيس الوزراء، وتم انجاز النشرة الاسبوعية التي تسلم الى رئيس الوزراء وتوزع على كل المواقع عن نوعية المياه وقد بدأ العمل بهذه النشرة في شهر شباط المنصرم، وهي موجودة على موقع الوزارة، وفيها تقييم حقيقي لنوعية مياه دجلة والفرات من المنبع الى المصب، والجهات المعنية ملزمة بالتنفيذ وهي تعمل بدوافع وطنية لان التلوث يمس حياة الناس، وهناك خطة وطنية تمت المصادقة عليها من قبل رئيس الوزراء من اجل تجنيد وتحشيد كل المنابر الاعلامية لاشاعة ثقافة تقنين المياه
وترشيدها.
أمانة بغداد
المدير العام للعلاقات والاعلام في امانة بغداد حكيم عبد الزهرة تحدث لـ”لصباح” عن مشاكل التلوث قائلا: هناك عدة جهات حكومية تشترك بتلوث المياه اضافة الى امانة بغداد والمعامل الاهلية، وهناك حقيقة هي ان معظم مشاريع الامانة تقع في شمال مدينة بغداد، والمنطقة التي ناخذ منها الماء تعد قليلة التلوث، وكلما انحدرنا نحو جنوب بغداد يزداد التلوث، واستطعنا خلال السنوات الماضية من مد مشاريع كبرى لشبكات المياه ومشاريع لشبكات الصرف الصحي ومشاريع لمعالجة مياه الصرف الصحي، واليوم توجد في الرستمية ثلاثة مشاريع لتصفية مياه الصرف الصحي وتحويلها الى مياه نظيفة تلقى في النهر، وفي جهة منطقة البوعيثة مشروع يصفي نسبة من المياه، والامانة بحاجة الى مشاريع اخرى لتصفية مياه الصرف الصحي فالمشاريع الموجودة الان غير كافية اضافة لكونها قديمة، ولدينا مشروع قديم في البوعيثة تم تدميره من قبل الارهاب وهو بحاجة الى اعادة تاهيل وهذا المشروع اذا ما تم تاهيله سيسهم في عملية تصفية المياه بنسبة جيدة وكذلك لدينا سبع مجمعات أخرى في جهة الرستمية لتصفية المياه بالامكان تجميعها وستكون جاهزة خلال فترة قصيرة.
تحديات العمل
ويلفت عبد الزهرة الى ان مشروع مياه الزعفرانية الذي يغذي الزعفرانية بدل ان ياخذ الماء من النهر مباشرة بجواره محطة كهربائية ملوثة مما اضطررنا ان نسلك طريقا آخروهو محطة ماء خام شارع ابو نؤاس ومن هذا المكان مددنا خطوط ماء تحت الارض من كهرمانة باتجاه معسكر الرشيد هذه الجهود كانت لكي ناخذ افضل نوعية للماء بعيدا عن التلوث.
وهناك تجاوزات ومخالفات كلها تشترك في عملية التلويث، ونحن نبذل الجهود ونتمنى ان نحصل على تخصيصات مالية لكي نتوسع في عملنا، اما ان للامانة موارد مالية من خلال عملها فاقول :اننا نعمل على ثلاث ميزانيات منها استثمارية وكانت لدينا ميزانية عن طريق تنمية الاقاليم، والثالثة الميزانية التشغيلية جزء منها للرواتب والاخر لتشغيل دوائرنا البلدية وخلال 4-5 سنوات لم يصلنا اي مبلغ مالي.
واستطعنا ان ندير بغداد من خلال الايرادات التي نحصل عليها وهذه الايرادات كانت موجودة سابقا وكانت تعطى الى وزارة المالية والان وزارة المالية تخصص لنا مبلغا ماليا على الورق ولا تدفع لنا، ولذلك نعمل بايراداتنا المالية لكنها لا تنهض بالعمل ولا نستطيع ان نبني مشاريع، ونتمنى ان تخصص لجنة التلوث مبالغ مالية للامانة لكي تزيد من مساحة كميات المياه التي يمكن تصفيتها ومع ذلك فاننا ننتج 4 ملايين متر مكعب وهي الاكبر من اي بلد آخر
مجاور.