خالد ابراهيم
بداية الفكرة
يهدف القائمون على هذا المتحف إلى المحافظة على الموروث الشعبي الفولكلوري القديم، وحول هذا الموضوع التقينا بالمسؤولة عن معرض النماذج المصغرة للأزياء الكردستانية السيدة جرا الاركوشي وقد حدثتنا قائلة: هذا المكان هو من تصميمي وفكرتي، وذلك للحفاظ على التراث الكردي القديم، فبعد عودتي إلى كردستان عام ٢٠٠٣ قررت أن أترك كل شيء وأعمل في مجال الحفاظ على التراث، وقمت بإنشاء متحفين في قلعة أربيل، الأول خلف الجامع الكبير وهو عبارة عن بيت واسع يضم ٥٠ (مانيكانة) كبيرة، وبعدها تم فتح هذا المكان وهذا المكان هو بيت صغير على الشارع الرئيس فوق قلعة أربيل التاريخية، وفكرت أن أضع كل النماذج للأزياء الكردستانية وقمت بتلبيسها للدمى والباربيات الصغيرة، إلى جانب مجموعة واسعة للأشياء التراثية بشكل مصغر ايضاً، وتم تصميمها وصناعتها من قبلنا، إذ جاءت الفكرة في عام ٢٠٠٣ وتم تنفيذها عام ٢٠٠٦ وذلك من خلال البحث عن التراث ودراسة كل الطرق التي تهدف إلى الحفاظ على الفولكلور والموروث الكردستاني، والملابس المعروضة هنا هي لأربعة أقسام كردستان، ونحن لدينا كم هائل وكبير من الأزياء، فمنذ قديم الزمان لكل عشيرة وقبيلة زي خاص بهم، حتى الإكسسوارات تختلف وقمت باختيار زي واحد من كل منطقة أو عشيرة، فبعضها يشير إلى أربيل في الستينيات وكذلك أربيل القديمة وجبال أربيل وأيضاً وديانها، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن أربيل تضم أكثر من مئة عشيرة، ولكن من الصعوبة أن نقوم بوضع أزياء كل العشائر وأيضاً بعض الأزياء تشير إلى محافظة السليمانية ودهوك وكركوك وبارزان وديار بكر من كردستان تركيا، ومهاباد من كردستان إيران وكرماشان أيضاً من كردستان إيران من عشيرة ملان، وعشيرة كيكان وهي ثلاثة أقسام من كردستان تركيا وكردستان سوريا وكردستان العراق من الموصل.
مصغرات من كل شيء
إلى جانب تصميم مصغرات على شكل دمى للأزياء فقد تم وضع وتصميم مصغرات للحياة اليومية القديمة وحول هذا الموضوع أضافت الاركوشي قائلة: قمنا بتصميم بعض المصغرات للمطبخ الكردي القديم، وايضاً خبز التير وخبز التنور ونحن لدينا أكثر من ٢٠ نوعاً من الخبز، والمميز من بين هذه الأنواع هو الخبز الذي نطلق عليه خبز التير، وهذا الخبز فيه مميزات، إذ يبقى لمدة تتجاوز الثلاثة أشهر وأكثر من دون أن يفسد أو أن يتغير مذاقه، وايضاً قمنا بتصميم رحى البرغل، ورحى الطحين، والهاون، والعديد من الأشياء القديمة التي كان يستخدمها آباؤنا وأجدادنا، وكل من يزور قلعة أربيل تكون لديه زيارات إلى هذا المتحف أو المعرض وأنا دائماً أتواجد هنا وأقوم بتقديم شروحات وافية وكافية لكل السياح، فأنا أحب هذه المهنة وهي المحافظة على الموروث والفولكلور القديم، وعملت في العديد من المجالات، إذ عملت كصحفية ورسامة وكاتبة وشاعرة وقد تركت كل شيء ووضعت جل اهتمامي في التراث، ليبقى شاخصاً على مر السنين والعروض وكل الدمى الموجودة هنا في المعرض هي من تصميمي، وكنت أبقى لساعات طويلة لتصميم هذه الملابس وهي صعبة، لكونها تصاميم مصغرة وهي كلها من صنع يدي.
عادات وتقاليد
وللحديث أكثر عن أهمية المتاحف التقينا بالسيد ازاد رشيد وهو مهتم بالجانب الفولكلوري والتراثي وقد حدثنا قائلاً: هذه المتاحف تحمل من الأهمية القصوى الشيء الكثير، كون كل الذين يزورون مدينة أربيل سواء كانوا من خارج البلد أو داخله يتوقون للتعرف ومشاهدة التراث والفولكلور الأربيلي والكردستاني عموماً، وهي تكون محط أنظار كل السياح والزوار، فتجد أغلب السياح يقومون بالتقاط الصور مع هذه الأشياء، وكذلك شراء العديد من الأشياء الفولكلورية القديمة لتبقى ذكرى جميلة لهم عند عودتهم إلى بلدانهم، فلكل بلد عادات وتقاليد خاصة به، وهذه المتاحف هي فرصة للتعرف على عادات وتقاليد المدينة، وكذلك الحفاظ على الموروث الشعبي القديم، وتبقى شاخصة للأجيال المقبلة، وأيضاً هي دليل على عراقة أجدادنا وآبائنا من خلال ما كانوا يرتدونه من ملابس جميلة، وكذلك الأشياء الرصينة التي كانوا يستخدمونها في حياتهم اليومية والتي تعطي دلالة وأهمية أخرى وهي أن وجود هذه المتاحف دليل ثقافة ووعي الشعوب.
وإننا ما زلنا مهتمين بالتراث ونسعى دائماً للمحافظة على الموروث القديم، وهي تبقى فرصة سانحة لكل من يزور مدينة أربيل لزيارة هذه المتاحف والاستمتاع بأخذ جولة رائعة فيها.