رؤية واقعيَّة

الرياضة 2022/03/23
...

علي حنون
 
يقيناً أنَّ الاعتراف بالخطأ فضيلة ويعكس في مضمونه شجاعة ستأتينا بواقع مُغاير في حال تعاطينا مع الإخفاق في سياق التصحيح وكانت غايتنا منه سامية ومُرادنا فيه الإصلاح، ولعلَّ الخوض في شأن نقل مباراتنا مع الإمارات إلى السعودية فيه العديد من البراهين على أنَّ الوهن فينا ويتعلق بضعف سطوتنا وحضورنا الخارجي، وهو الأمر الذي قادنا إلى هذه الحال، التي نراها تُغيض المُحب وتُسر الشامت.. وبعد أن أخذت عاصفة الرفض لقرار (فيفا) تهدأ وتذهب في طريق الانتهاء، وهي موضوعة تعودنا عليها، لابد لنا أن نبتعد عن الحديث العاطفي والتكلم بمنطق الواقع، ذلك أنَّ وضع اليد على الجرح كفيل بتخفيف الألم ومن ثم التوفيق في إيجاد العلاج الشافي.
نعي جميعا أنَّ هناك من لا يُريد أن تحتضن ملاعبنا مبارياتنا الدولية سواء من دول الجوار أو من بقية الأشقاء والأصدقاء وقرار نقل المباراة، التي نُشكل عليه كثيراً هم يعدونه إحدى الأدوات، التي تُيسر عليهم غايتهم في تحقيق أهدافهم، وإذا كانت لدينا مثل هكذا سلوكيات أمر خطأ على اعتبار أننا نتعاطى مع الأمور عاطفياً، فهي تُمثل لهم خطوات مشروعة ولا غبار عليها طالما أنها تختصر أمامهم طريق الوصول إلى مصالحهم الوطنية، وليس ذنبهم أننا ليس لدينا مُفاوض حكيم يُعتد به، كما لا يعنيهم افتقارنا إلى الخبرة والدراية في سياسة التعامل مع لجان التفتيش والتقييم ونعدها كـ(خطار) نضع بشفافية على طاولتها كُل أسرارنا ونصرف على راحة أعضائها أكثر مما نُخصص لإكمال بعض النقوصات في مشاريعنا!. الأمر في تفاصيله، ليس صحاً أو خطأ فحسب، وإنما هو فلسفة وخطة وتكتيك ومُفاوضة واستثمار قدرات والتلويح وحتى المساومة المشروعة.. أنت تحتاجني مثلما أنا احتاجك.. العاطفة يُمكن أن تكون أسلوباً ننتهجه (داخلياً) مع بعضنا لكنَّ التعامل مع الآخرين يجب أن يجري وفق سياقات تضمن قانونية وإدارية ومُتبنيات المصلحة العليا للبلد وليس هناك استثناءات أمام مصلحة الوطن وليس لأحد حظوة أمام تحقيق أهدافنا العليا.
أغلب الاتحادات وفي طليعتها الخليجية، تعمل بنظام ضغط الدولة والنظام العميق، أي إنَّ العمل الواقعي، يجري بعيداً عن الأضواء والإعلام ومنصات التواصل، لأنه يُمثل مشروع الدولة، التي تمتد أذرعة مُمثليها في فعالية كرة القدم إلى مواقع قيادية مُؤثرة في اتحادات كرة القدم الدولي والقاري، لذلك تأتيها حقوقها ممهورة بالصبغة الرسمية، فيما نحن غالباً ما نتردد في تحصين مشروعنا، بمكانة وقدرات الدولة، لأسباب تتعلق بالخشية من تدخلها، لذلك نفتقر إلى (الدرع)، الذي يحمي لنا مشروعاً مُتكاملاً يضمن لنا الوصول إلى سدة القرار بدلاً من التوسط لدى من لا يصدقنا القول وينظر لنا باستعلاء..عديد الدول ليس لديها كفاءاتنا ولا مالنا ولا مكانتنا، نراها اليوم تقف على منصة صنع القرار، بينما نحن كل قضايانا تُدار بـ(الموبايل) ورسائل الواتساب والإعلام ومنصات ومواقع التواصل، التي أخذت تتسابق في ما بينها للحصول على الأخبار المُسربة، التي يستفيد منها الآخرون دون أن نفهم الغاية من تسويقها.. خلاصة القول علينا أن نعمل على أنفسنا كثيراً ونتحصن بمشروع الدولة وأن نخلق قيادات عراقية في منظومات كرة القدم ولاسيما في الاتحادين الدولي والقاري وأن نحمل بيدنا باستمرار (سلاحاً) نُفاوض به وأن نكون أصحاب قرار، ونبتعد عن الصراخ والعويل في الإعلام الداخلي ونجتهد في (دهاليز)  صنع القرار على الصعيدين الدولي والآسيوي.