يعرف عن العراق بأنّه يمتلك تاريخا مهما في فن وحرفة صياغة الذهب والفضة، والذي يمتد الى مهد الحضارة السومرية القديمة، وتبرز اليوم أكثر من مدينة عراقية في صدارة المنافسة في هذا الفن، وجاءت النجف والكاظمية وكربلاء وذي قار وميسان في مقدمة المدن العراقية لاهتمامها بجماليات هذه الصناعة الفريدة الجميلة، لكن لمدينة الكاظمية الشهرة الواسعة والانفراد بهذا الفن، ويهتم صاغتها الى اليوم بالعمل اليدوي والتطعيم وصناعة قوالب وموديلات جديدة.
طلبيات عالميَّة
عباس المدامغة الصائغ البغدادي الشاب قال: إن الصاغة “الكاظميون” يعتقدون بأنّهم من أفضل الصاغة على مستوى العراق والوطن العربي في مجال الصياغة اليدوية لأنهم يستخدمون موديلات مبتكرة وحديثة.
ووصف المدامغة بأن صياغة الذهب والفضة من الحِرف المتعبة جدا وبالوقت نفسه إنها ممتعة خصوصا عند اكتمال العمل وعرضه كقطعة فنية تسر الأنظار.
وأضاف المدامغة إنّ الطلبيات تأتي من كل دول العالم من اوروبا واميركا وسوريا والسعودية والبحرين والكويت لأن الصياغة العراقية لها حضورها وسمعتها العالمية.
وأكد المدامغة بأن الكاظمية حافظت على العمل اليدوي احتراما للمعدن النفيس والفن الذي يمتلكه صاغتها في التطعيم وابتكار القوالب التي تضاهي القوالب والموديلات العالمية.
سرقة قوالب وموديلات
الصائغ باسم زاروكة الادريسي (46 عاما) قال إنني اعمل في حرفة صياغة الذهب والفضة في الكاظمية منذ ثلاثين عاما، لكنني اتجهت الى صناعة القوالب والموديلات الجديدة والتطعيم بين الذهب والفضة حتى أصبح الموديل الذي اقدمه عرضة للسرقة والتقليد.
وأضاف الادريسي بأن حقوق المبتكر في العراق غير محمية قانونيا وألجأ في الحفاظ على حقوق الموديلات التي ابتكرها في صياغة الذهب والفضة الى سلوكيات عرفية، ولكن هذه السلوكيات لا تفي بالغرض وإن اكثر السراق أصبحوا يختمون المصوغات بختم مزيف يشبه ختمي الموجود على موديلاتي.
واعلن الادريسي عن ابتكاره 1400 موديل حديث في عالم المصوغات اليدوية، مضيفا بأن الحفاظ على العمل اليدوي يعطي المصوغات أكثر جمالية من المصوغات المصنوعة بطريقة هندسية وتكنولوجية وللمصوغات اليدوية زبائنها الكثر من العراق وخارج العراق.
نفايات باهظة الثمن
الصائغ حميد ابو باقر الشيخ (49 عاما) قال بأنّ عدد الذين تعلّموا على يدي أكثر من 50 صائغا، أغلبهم تحولوا الى موظفي دولة لأنّ الحرفة صعبة ومتعبة ولا يستمر بها إلّا من يعتقد ان اللحظات التي يقضيها الصائغ مع القطعة هي ثمينة جدا.
وأضاف الشيخ بأنّ النفايات التي تبقى على أرضيات محلات الصاغة تُباع بأسعار عالية لمقاولين ينظفونها ويعزلون الذهب عن الفضة ويصفونها ويرجعونها للبيع مجددا.
مؤكدا أنّ الكاظمية لها الصدارة بين المدن العراقية في فن التطعيم بين الذهب والفضة، وبين الاحجار الكريمة التي تستخدم للصياغة عليها كقطعة كاملة مطعمة.
وأعلن الشيخ بأن أكثر الاحجار التي يستخدمها الصاغة الكاظميون هي الزفير والالماس والزمرد والاوبون والموزانايت (الزاركون الاميركي)، مضيفا بأن أشهر الموديلات التي يعمل بها صاغة الكاظمية هي (الملائي والحباسة والطيارة وابو الشخوط وابو الاقواس والشفة وموديل الفلكري المتنوع والبقلاوة والاديب وابو السعفة وابو الورقة والدمعة)، وحسب قوله إن كل موديل له عدة نوعيات ودرجات مختلفة.