لكي لا تولد {داعش 2»

آراء 2019/03/17
...

علي الهماشي
 
لاشك ان مصير اي عصابة  او تنظيم ارهابي  هو النهاية والتلاشي لاسيما ان جذوره ليست عميقة ولا يملك مقومات دولة للاستمرار .
هكذا داعش اريد لها ان تكون دويلة سرطانية في خاصرة العراق  تلغي هذا البلد وتنهي ارثا حضاريا امتد لآلاف السنين في عمق التاريخ وهو اول مكان وطأه أبانا آدم “عليه السلام” كما تذكر الكثير من الروايات .
راهن بعضهم على تنظيم ارهابي كداعش وغيره واثبتت التجارب ان احتضان العصابات لن يكون اكثر من تجربة خاسرة سرعان مايكون ارتدادات وانعكاسات اثارها على من لعب بالنار وعندما تمكن (داعش) من السيطرة على ثلث مساحة العراق  وصل الارهاب الى اوربا والولايات المتحدة ودافع العراق عن جيرانه في الشرق والجنوب ودفع ثمن هذا الدفاع شبابا واموالا بلغت المليارات وقد ايقن الجيران والاصدقاء ان استقرار العراق استقرار لهم ولو بعد هذه المغامرة والتجربة المريرة .
والعراق وكشعب حي يتعلم من تجاربه وحروبه التي لم تنهيه ولم تقتله بل ستزيد من قوته  واصراره على الحياة ولكن هذا لايعني ان الخطر قد زال نهائيا. 
ان الانتصار العسكري قد تحقق وربما بعد ايام سينتهي ملف داعش العسكري في سوريا كما انتهى بالعراق ولكن الانتصار العسكري لايكفي لوحده ولابد من استثمار الانتصار وتوفير بيئة صالحة  تطوق الفكر الارهابي  .
ان المجتمع الدولي ودول المنطقة وصلا الى درجة من الوعي ان داعش كان خطرا على المنطقة والعالم ولهذا تم تشكيل تحالف دولي من اجل انهاء هذا التنظيم عسكريا ولكن لم ينته كمنظمة ارهابية بعد. 
وعلى المجتمع الدولي ان يعي ان الانتصار العسكري وحده لن يكون كافيا وهو ما علينا ان نعيه ايضا .ومن خلال التجارب مع المنظمات الارهابية نجد انها تزداد سوءا واجراما عن سابقاتها وكان اخرها داعش الذي كان وليد طالبان والقاعدة  وكل واحدة من هذه التسميات تكون اكثر سوءا واجراما عن سابقاتها  لهذا يجب ان نكون  واضحين مع انفسنا  بكل مكونات الدولة العراقية ان لانعيد ظروف نكسة (حزيران العراقية) وان نتصدى لكل مظهر من مظاهر هذه الظروف  لان التغطية على اي من هذه المظاهر سيولد نوعا من (الالم الاجتماعي) ويوغل في توليد الكراهية والبغضاء لدى ابناء المجتمع مما يجعلهم صيدا للمنظمات الارهابية !.
لا اريد ان اكون متشائما بل محذرا ان داعش 2قد يكون جاهزا للحضور ان لم نطو صفحة الحرب ومظاهرها في المناطق المحررة عمرانا وتصحيحا للاوضاع بالاضافة الى مصالحة مجتمعية حقيقية او معالجة لاوضاع الضحايا من الارهابيين وتوفير بديل مناسب  للعوائل التي انتمى ابناؤها لداعش من دون ان نفرط في تطبيق العدالة مع المجرمين ومن ساعد على ارتكاب الجرائم .
ان خلق بيئة جديدة مع اقتصاد مزدهر هو مسؤولية كبرى يتحملها المجتمع الدولي لاننا حاربنا نيابة عن العالم  وان الصفحة الثانية من الحرب على داعش تبدأ من الانتهاء من الحرب العسكرية  وهذا ما يتطلب تاهيلا اقتصاديا وعمرانيا وسياسيا يسبقها او يتزامن معها تاهيلا نفسيا على مستوى الفرد والمجتمع بوتيرة متساوية ومتزامنة لكي نخرج بمجتمع متعاف من مرض الارهاب .
ان خلق هذه البيئة يحتاج الى تضافر جهود الدولة بكافة منظوماتها ولابد من القول انه لا بديل لنا والا سيكون الارهاب الاسود هو النتيجة الحتمية لتغافلنا وتقاعسنا عن اداء الواجب وازالة المسببات التي تؤدي الى ذلك المصير الاسود.
ان محاربة الفساد وفضحه هما من اوليات انهاء الارهاب  ،ان الدول الفاشلة هي الدول التي يتمكن منها الفساد ويتحول الى مافيات ترتبط باجندات خارجية تجعل البلد اسيرا للعبة الامم كما حصل في 2014.
ان ما تحقق من نصر وعودة للعراق هي الفرصة الكبيرة التي لابد من استغلالها بعد انتهاء ملف داعش في سوريا والمنطقة وعودا  على العنوان اعلاه  يتطلب منا وعيا كبيرا يبتدئ من (اقلع الشر من صدر غيرك بقلعه من صدرك)
وآن للمواطن في هذه المحافظات التي عانت من احتلال داعش ان يكون جزءا من منظومة امن الدولة ولايكون ذلك بتحويله لمخبر او متعاون مع جهة امنية بل ان يشعر ان حمايته وامنه ومستقبله جزءا لايتجزأ من هذا المجتمع وان انتماءه هو انتماء حقيقي  مشارك في كل ميادين الحياة ويعي ان حماية الدولة هي لحمايته والعكس صحيح.