ما بعد الغروب

الرياضة 2022/04/05
...

خالد جاسم
 
مع كل ما تسببت به إخفاقة منتخبنا الوطني وخروجه الدراماتيكي المؤثر من تصفيات كأس العالم من أوجاع وآلام لعامة الناس وللشارع الكروي بشكل خاص إلا أن المؤكد هو ان ما حدث صار أشبه بسحابة صيف مرت فوق خط الأستواء كما يقول شاعر الحب نزار قباني , فالجهة المعنية بالإخفاق وأقصد بها اتحاد كرة القدم قد سوغ الفشل وقدم كل التبريرات التي يراها من وجهة نظره الخاصة أنها السبب في ما حدث والذي من بينها معاندة الحظ وعدم التوفيق بعد أن تسابق أكثر من عضو اتحادي وبعد التعادل المرير مع سوريا إلى تقديم الاعتذار للشعب العراقي عن الخروج من التصفيات وهو وإن كان اعتذاراً مبنياً على خصلة الفضيلة لكنه لن يبرئ ساحة اتحاد اللعبة الذي كان عليه ومع تعاطيه مع مفردة من ثقافة الاعتذار أن يتحلى بالفضيلة والتي تأتي في مقدمتها مسألة الاعتراف بالخطأ ولكن للأسف ما زلنا في مجمل منظومتنا الرياضية ننأى بأنفسنا عن تلك الفضيلة ونعتبر أن الاعتراف بالخطأ هو نوع من الهزيمة بل هي الهزيمة نفسها وهنا تكمن المصيبة . نعم ماحدث في تصفيات كأس العالم حتى مع الاعتراف بمعاندة الحظ لنا ومخاصمة التوفيق لمنتخبنا هو نتاج العشوائية والفوضى في العمل الذي يفتقد التخطيط السليم والبرمجة العصرية  لكل المفردات المتعلقة بكرة القدم العراقية والتي هي جزء من منظومة أكبر وأوسع  تفتقد هي الأخرى إلى الكثير من مقومات العمل الصحيح ، وهو في نفس الوقت نتاج تراكمات من سنوات الضياع الرياضي الذي افتقدنا فيه الاحترافية في أبسط صورها واعتمدنا لغة المجاملات والعواطف في كل مفردات العمل الذي همشت فيه الكفاءات والخبرات وتصدت له عناصر وإن جاءت عبر الانتخاب إلا أنها تفتقد الخبرة والكفاءة ومن ثم فأن  الإخفاق في تصفيات كأس العالم كان نتاجاً طبيعياً للفوضى والتخبط الكروي السائد والذي له امتدادات وجذور راسخة في أرضنا الكروية ولا يقتصر على المدرب أو اللاعبين فقط وبالتالي فأن التغيير المطلوب من أجل تجاوز كل مسببات الإخفاق لا يتحقق بالخطابات الصاخبة والتصريحات المدوية أو التظاهرات العديمة الجدوى كما أن البحث عن حلول عملية لن يتوقف على انعقاد مؤتمر أو تنظيم ندوة حيث لم تجن الرياضة وكرة القدم العراقية من وراء عشرات المؤتمرات والندوات إلا الكلام الذي لا قيمة عملية له بعد أن أودعت المقررات والمعالجات والتوصيات في رفوف الارشيف إن لم ترم في سلال المهملات .. المطلوب معالجات جذرية ذات طابع عملي يستند أولاً على اقرار وتشريع الأنظمة والقوانين التي تتيح لنا خلق هيئات عامة جديرة بأن تقول كلمتها وتختار الأفضل ..مطلوب إجراءات عملية لتنظيم الاحتراف وإعادة نظر فاعلة في مشاريع البنى التحتية وتطوير قدرات المدربين وتنظيم عصري وصحيح للمسابقات المحلية وتقنين فني دقيق للمشاركات الخارجية والاتكال على أهل الخبرة والكفاءة في الامساك بالمفاصل الحيوية في عمل اتحاد الكرة ومنها اللجان الرئيسة وإلى غير ذلك من المعالجات الواقعية التي تضعنا على الطريق الصحيح وبغير تلك المعالجات فسوف يبقى جرح الفشل مفتوحاً إلى مالانهاية. 
طويت صفحة تصفيات كأس العالم وحفظت في كتاب الكرة العراقية الذي وبقدر ما يحتوي في صفحاته محطات مشرقة بل وذهبية كثيرة لكنه مزدحم أيضاً بالكثير من محطات الفشل والإخفاق التي مازلنا لم نستفد من دروسها كما يفعل عباد الله .