أفريقيا والحربُ جوعاً

الرياضة 2022/04/07
...

علي حسن الفواز
 
بعيداً عن  حروب العسكرة، تواجه كثيرٌ من دول أفريقيا حروبَ الجوعِ، والضنك الاقتصادي، وازدياد الحاجة إلى المساعدات الغذائيَّة، بما يفوق الحصص التي تُخصصها المنظمات الإنسانية، والتي مازالت تتعامل مع "الجوع الأفريقي" بنوعٍ من الفلكلورية، إذ يكون الترويج للأرقام والإحصائيات خاضعاً لحسابات سياسية، وربما لقضايا لم تخرج عن الترويج الإعلامي، ولا عن ذاكرة الاستعمار القديم. في موريتانيا ارتفع عدد المحتاجين للغذاء إلى 29 مليوناً، كما يعاني 15 مليوناً في زمبابوي حالة من هشاشة الأمن الغذائي، وفي زامبيا يواجه أكثر من 2،3 مليون آثار الجفاف ومشكلات الأمن الغذائي، كما يعاني 20 % من سكان ليسوتو، و10 % من سكان نامبيا ظاهرة انعدام الأمن الغذائي، وهذا ما جعل الأمم المتحدة تضع هذه المشكلة الإنسانية على رأس اهتمامها، مع الدعوات إلى ضرورة تمويل برامج التنمية الاقتصادية لمواجهة تلك الأزمات والحد من آثارها الصحية والتنموية والغذائية والخدماتية، لكن الاستجابة لهذه الدعوات تظل رهينة بمصالح الدول الكبرى..
 هذا التوصيف يجعل من حرب الجوع، ليست بعيدة عن السياسة، ولا عن صراعاتها، والتي ارتبطت بضعف الإجراءات التي يمكن أن تقوم بها الدول الغنية، والمنظمات الإغاثية، في معالجة الصعوبات الاقتصادية والجفاف والتصحر والتغيّر المناخي في أفريقيا، فضلاً عن مساعدتها على ما تعانيه دولها من صراعات مسلحة وأزمات تنموية عميقة.
إنَّ مواجهة هذا الواقع الصعب تتطلب إجراءات عاجلة، وستراتيجيات تدعم اقتصاديات تلك الدول، ودعمها في تجاوز مشكلاتها الأمنية والغذائية، لاسيما بعد تداعيات الحرب في أوكرانيا، إذ إنَّ أكثر  من ست دول أفريقية تستورد 30 % إلى 50 % من القمح الروسي والأوكراني، وهي أرقام  أوردتها عدد من منظمات الإغاثة الدولية، وهو ما سيجعل دول غرب أفريقيا ومنطقة الساحل أكثر معاناة في مواجهة أسوأ أزمة غذائية، وعلى نحوٍ يجعل هذه الدول مهددة بتغيرات بنيوية خطيرة، جرّاء تزامنها مع تصاعد مظاهر الصراع الأهلي، والانقلابات العسكرية، والنزاعات المسلحة. انشغال الغرب بـ"خصخصة" المساعدات الكبرى لأوكرانيا يكشف عن طابع سياسات دول الغرب العنصرية، وتغافلها عن القيام بأيّ دورٍ إنساني حقيقي في أفريقيا، لمواجهةِ حربٍ أكثر عنفاً وقسوة، ستُهدد الملايين بالموت جوعاً وعطشاً وجفافاً..