حكومة عمران خان والعزل البرلماني

الرياضة 2022/04/19
...

علي حسن الفواز
 
هل كانت إطاحة البرلمان الباكستاني بحكومة عمران خان أمراً طبيعياً؟ وهل كان اختيار رئاسة أخرى للوزراء نوعاً من تصفية حساب مع سياساته؟
هذه الأسئلة ليست بعيدة عن الواقع الباكستاني، ولا طبيعة المشكلات العميقة والغائرة في النظام السياسي، وفي النظام الاجتماعي، والتي اقترنت بتاريخ طويل من «الإطاحات الرئاسية»  لكن خطورة الإطاحة بالرئيس خان تكمن في تفويض المحكمة العليا للإجراء البرلماني، وفي دعم العسكر لهذا القرار، وتحت يافطة الفشل في معالجة الأزمات الاقتصادية والتضخم والغلاء وهبوط قيمة العملة.
 لكن هذا الأمر ليس بهذه البساطة والتعويم، بل لارتباطه بجملة من السياسات التي “تجرأ” خان على تبنيها، بدءاً من سعيه للخروج من الهيمنة الأميركية، والبحث عن حلفاء جدد، وليس انتهاء بضعف إجراءاته إزاء ما فرضته الهند من سياسات في منطقة كشمير، فضلاً عن مواقفه المثيرة والداعمة لـ “جماعة طالبان” الذين فرضوا سلطتهم في أفغانستان، وهو ما أغاظ الكثيرين، ومنهم الولايات المتحدة، والجماعات الراديكالية..
تاريخ الحكم في باكستان ارتبط طويلاً بذاكرة العنف، وبتدخل العسكر في السياسة، بدءاً من الإطاحة بحكم “ذو الفقار علي بوتو” عبر انقلاب الجنرال ضياء الحق واغتياله، وعبر انقلاب برويز مشرف، وصولاً إلى اغتيال بنازير بوتو، وطرد نواز شريف، وانتهاء بحكم رجل الكركيت عمران خان.
هذا التاريخ الدامي ظل أكثر تعالقاً بإدارة النظام السياسي، من خلال سوء إدارة ملف العلاقات الشائكة والمعقدة مع الجار الهندي، أو التورط في أدوار أمنية بعد الغزو السوفييتي لأفغانستان، وتحت الرعاية الأميركية، والتي جعلت من الأرض الباكستانية قاعدتها الخلفية، وهذا مايجعل النزوع إلى “استقلال خالص” عن هيمنة السياسة الأميركية، وعن سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، من القضايا الصعبة، وذات الأثر الواضح في إدارة منظومة الحكم في الباكستان.
إن الإطاحة البرلمانية بوزارة عمران خان، لم تأت بمفاجأة، لأنها اقترنت بانتخاب شهباز شريف، وهو من السلالة التي كانت تدعمها الولايات المتحدة، والتي تحظى بدعم الجماعات الإسلامية وأحزابها في الداخل، وهو ما يؤكد حقيقة ارتباط الحكم بهيمنات داخلية، وخارجية، مثل مؤسسات الجيش والاستخبارات، والاوليغارشية التي تربط تلك الهيمنات، بالسيطرة على اقتصاديات السوق، وبتعزيز العلاقات مع الشركات “الغرب أميركية” وأدوارها المعروفة في المنطقة.