الغرب وحرب الايديولوجيا

الرياضة 2022/04/21
...

علي حسن الفواز
 

للحرب بين روسيا وأوكرانيا «مواقع خلفيَّة» مهمتها ديمومة حرائقها، وتكريسها كنوع من الحرب الايديولوجية، فما يتبدى في الخطاب الأميركي يكشف عن خفايا تلك المواقع، وعن علاقتها بهندسة الصراعات القطبية، والاقتصادية الكبرى، وتحت يافطة التنميط في «رسملة العالم»تقويض مسار روسيا الصاعد، قد يكون هو الهدف الأميركي الرئيس، للسيطرة على سياسة الخلو الجيوسياسي، وهو ما أكده جاك سوليفان مستشار الأمن القومي الأميركي، أو ما تساقط “سهواً” من خطب الرئيس جو بايدن، إذ تتحول اللغة في الخطاب الرئاسي إلى أدلجة فاضحة، وإلى خيار سياسي يقوم على استيهام القضاء على الآخر، بقطع النظر عن انعكاسات ذلك على العالم، وعلى ما سيتعرض له من أزمات اقتصادية وسياسية، ومن أضرار تهدد الأمن الغذائي والمجتمعي لعديد من الدول في أوروبا أو في غيرها..المشروع الأميركي اقترن بتحريض أوروبا على “الطاعة” في تطبيق عقوبات خطيرة على كل ما يتعلق بروسيا، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً ودبلوماسياً وحتى ثقافياً، حدّ الضغط على الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس حقوق الإنسان لتبني الخطاب الأميركي ذي النزعة الايديولوجية، كما أنَّ انخراط رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون في سياساته الصارمة إزاء روسيا، يكشف عن “عقدة تشرشل” القديمة في كراهية الشيوعية، ولمخرجاتها السياسية والأمنية التي يمثلها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كما يقول المخيال البريطاني، إذ تتغوّل تلك السياسة عبر تصعيد خطاب الكراهية، وعبر توسيع خيار العقوبات، وعبر تحويل أوكرانيا إلى مستودع مفتوح للأسلحة الفتاكة، لفرض الأمر الواقع الذي يبرر ضمّ أوكرانيا إلى حلف الناتو، وإلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما ترفضه روسيا، وتجده تهديداً لأمنها القومي..لا تحتاج هذه المواقف إلى تفسير محدد، لأنَّ ما يحدث يرتبط بمفهوم “الهيمنة الايديولوجية” وبالمعطيات التي تجد في إعادة إنتاج الثنائية القطبية نوعاً من الخطر الذي سيهدد قوى الاستعمار القديم، مثلما سيكون تهديداً لنظرية السوق الرأسمالية، والتي تجد في التهديد الروسي العسكري، والتهديد الصيني الاقتصادي مزاحمة قد تضرّ بتداولية مفاهيم التراكم، وهيمنة الشركات العابرة للقارات، وحتى مواقف دولة ذات مرجعيات “شيوعية” مثل بولندا لا تخرج عن سياق الأدلجة المضادة، والخروج عن التاريخ، والدخول إلى الوهم الأميركي، عبر أنموذج الأمركة، والابتعاد عن الإطار الأرثودوكسي الايديولوجي الذي تتحكم به روسيا..