المالكون .. والمستحوذون!

الرياضة 2022/05/09
...

علي رياح  
 
كنا في برنامج تلفزيوني نخوض في نقاش طويل حول أوضاع الرياضة في العراق، وكان رأيي في مبتدأ البرنامج، وفي نهايته، أن مشهد (التردّي) العام في البلد لا بد أن يجد له انعكاساً كاملاً على المشهد الرياضي. 
وإذا كانت لدى البعض منا مسحة من التفاؤل في إمكانية الخروج من هذا الخانق الشديد الذي تعيشه الرياضة منذ سنوات عديدة، فإنني أعلنتها في البرنامج وسأعلنها هنا الآن: ستتغير أوضاع الرياضة عندنا ولكن إلى الأسوأ!  
المشكلة والمعضلة والتردّي يبدأ من قواعد الرياضة الشعبية والمدرسية فالأندية عندنا ثم تمرّ بالاتحادات الرياضية ثم تصل إلى أعلى الهرم الرياضي وأعني به اللجنة الأولمبية ووزارة الشباب والرياضة!  
الأندية الرياضية مثلاً، وكما أعلنتها من قبل، وضعها عجيب وغريب.. وهو في كثير من الحالات مريب وملتبس.. وهو في طريقه إلى أن يكون في حال أسوأ، فالرياضة عندنا عرجاء تتكئ على المبادرات الشخصية، فلا ضامن حكومياً أو أولمبياً إلا ما يقدَّم لها من هبات أو منح على سبيل المِنـّة في كثير من الأحيان، وبعد حجب أو امتناع طويل!  
هنالك من اعتاد أن يتظلـّم ويتشكـّى من أن ناديه لا يتسلم إلا مبالغ ضئيلة لا تكاد تذكر، وآخر يتحدث عن تسلمه مسؤولية رئاسة ناديه منذ عام 2004، ولم يجب عن سؤال دار في ذهني عن السر الكامن وراء صموده على الكرسي مع أنه يتشكـّى آناء الليل وأطراف النهار عن ندرة الدعم مدة تبلغ ثماني عشرة سنة!  
ومجدداً أقول إن جزءاً بالغ الأهمية من هذه المشكلة يتعلق بفهمنا الخاطئ لكلمة (رئيس) في العراق.. إنه يتحول – بحكم العادة والتقليد والمألوف – إلى (مالك) للنادي أو الاتحاد.. وبرغم هذه الحقيقة الحصرية بالعراق فهناك من يتساءل: لماذا نستكثر على رئيس ناد عراقي صفة (مالك) في حين نقبل هذه الصفة إذا أطلقت على شخص نافذ كبير في مجلس إدارة نادي شهير مثل بايرن ميونخ أو الميلان أو مانشستر سيتي أو أياكس امستردام!  
مثل هذا السؤال – برأيي- ينقلنا إلى منحدر خطير.. لأنه سؤال يتجاهل حقيقة أخرى وهي أن الأندية في كثير من دول العالم المتطور عبارة عن شركات مساهمة يجري الاكتتاب عليها، وتـُطرح أسهمها لمن ينطبق عليه أحقية شراء الأسهم من عامة الناس وكبار التجار والمساهمين.. هؤلاء ينفقون من حُر مالهم ولا يعتاشون على الأندية، لهذا يصبح القرار جماعياً على نحو كامل، وتصبح سياسة النادي في العمل والتعاقد والاستثمار محط تداول كل عضو فيه، خلافاً لما تجري عليه (العادة) عندنا، فالنادي يتلقى فلوسه من الدولة أو من الدكاكين التي تحيط بسور النادي من الخارج تحت مسمى التمويل الذاتي، ومع هذا يكون الرئيس (مالكا) عملياً وله حق التصرف في صغير التفاصيل وكبيرها والويل والثبور لمن يزاوده أو يعترض عليه!