دخلت الافكار الغربية الى مناطق المسلمين تحت ستار الثقافة والعلم كتبريرات غير مقنعة فأخذت بالتغلغل من خلال المدارس الاجنبية، فضلاً عن المطبوعات والمنشورات التي روجت للواجهات السياسية و تبنت افكارها في التطلع للحرية ونبذ الاستبداد. وهذه الافكار تعمل على هدم الذات واعتبار التراث المجسد بالقيم والتقاليد والعادات والموروث الشعبي والفولكلوري وكل ما يشكل ثقافة الامة ويحدد شخصيتها حالة من التخلف.
وتعددت انواع الاستهداف الممنهج للمرأة والاسرة المسلمة في البلدان الاسلامية ومنها بلدنا العراق عبر العديد من الاساليب والاستخدامات الصناعية الجديدة المتلاحقة . هذه وغيرها اشرها الدكتور محمد كاظم عبد الله الزركاني من خلال كتابه الموسوم “الاسرة المسلمة واثر المتغيرات الحضارية فيها” والذي يقول عن هذه القضية :
العلاقات الأسرية
لم تشهد البشرية قط زمناً تفشت فيه الافكار الهدامة والدعوات المتحررة من كل قيد اخلاقي وديني، و الانماط الثقافية الغربية الدخيلة والتصقت بعقول شبابنا كعصرنا هذا. وكان الاثر واضحاً في الاسرة المسلمة وهي اشد تاثيراً من الاسلحة الفتاكة. حيث تتسلل هذه الطروحات تارة بدعوى التحرر واخرى بدعوى التحضر وثالثة لمواكبة الحداثة؟. الامر الذي دفع لفقدان بعض الاسر ارتباطاتها العقائدية وحتى رباطها الاخلاقي،وذهب بشخصيتها وجردها من معاني الاصالة
والقوة .
واضاف: لعب دخول التكنولوجيا والتحولات المادية والثقافية التي شهدها المجتمع في العقود الاخيرة دوراً في التغييرات التي حدثت في بناء الاسرة وفي وظائفها وفي العلاقات الاجتماعية الاسرية ونمط السلطة. وايضاً التغيير التكنولوجي سيؤثر حتماً في نسيج المجتمع. ولما كانت النظم الاجتماعية مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً وثيقاً، فان اي تغيير يطرأ على احدها يترك بالضرورة آثاره الواضحة على النظم الاخرى بمستويات مختلفة ودرجات متفاوتة .ومن اهم الوسائل تأثيراً في الاسرة المسلمة اليوم القنوات الفضائية والانترنت والهواتف النقالة
المتطورة..
مسؤولية المرأة
واشار مقتبساً كلام الدكتور عبد الرشيد عبد الحافظ والذي جاء فيه “ان الجهات القادرة اليوم على استثمار الطفرة الهائلة في تقنية الاتصالات والمعلومات هي جهات غربية توفرت لها الامكانيات الضخمة التي تؤهلها للتفوق واكتساح اي منافس لها،. فالغرب هو الذي يسيطر على اغلب قنوات البث الفضائي المؤثر وعلى محتوى شبكة الانترنت وعلى اكبر دور للصحف والمجلات ودور النشر ووكالات الانباء. وتتضافر كل تلك الاسباب والعوامل لتجعل ثقافة الغرب حركة في اتجاه واحد عبارة عن سيل جارف يكتسح امامه كل مايقابله ويعوق سيره . بل يغير معالم الحياة وشكلها على نحو اخر مختلف.”
وبين: ان دراسة علمية حذرت من بعض البرامج الواقعية المعربة التي تعرضها وسائل الاعلام العربية لاسيما (المسلسلات المدبلجة) و(ستار اكاديمي) والغناء والرقص الشرقي وغيرها. وذلك لاثرها البالغ في تعميق الانحراف الاجتماعي وتدمير قيم الشباب الايجابية وتغييب هويتهم الثقافية باتجاه خلق ثقافة اعلامية لا تعتمد على المقاييس الفنية والجمالية بقدر اعتمادها على الجذب والاثارة والاباحية لخلق الوعي والفكر المشوه وهدر الوقت واضاعته واضعاف مشاركة الشباب وتفاعلهم مع انشطة المجتمع المختلفة.
شخصية الطفل
وخلص الباحث الزركاني الى : ان سوء استعمال السوشل ميديا والفضائيات يهدد استقرار الاسرة وقيمها وهذا ما اكدته الوقائع والافرازات والابحاث كذلك. وقد يتجاوز تأثيره على الاطفال، حيث لم تخل برامج الاطفال من العنف والاثارة والغزل وغيرها من المظاهر التي تنعكس سلباً في شخصية
الاطفال. وحدد نقاطاً قد تصبح قاعدة تستفيد منها الجهات المسؤولة والاسر المسلمة منها:ان تلكؤ المرأة بمسؤولياتها التربوية داخل الاسرة سيؤثر سلباً في المجتمع.
ومحاولة تحطيم الاسرة وتدمير الاخلاق والقيم الانسانية بدعوى الحرية وبخاصة حرية المرأة التي روجها بعض المستشرقين العرب الذين تأثروا بالغرب.. وكرم الاسلام المرأة وجعلها في المكان اللائق خلافاً لما كانت عليه في الجاهلية السابقة
والمعاصرة.ولا بد من القول ان كتاب الدكتور محمد الزركاني تناول واقع المرأة والاسرة المسلمة من جميع جوانبها التاريخية والمراحل المختلفة والاسرة في العراق القديم والحضارات الاخرى،بصورة دقيقة ومتمكنة وقدم جهداً نافعاً.