كلما اتسعت الفاجعة ضاقت العبارة ، بل كلما ازدادت الثروة اتسعت الرغبة بامتلاك المزيد ، بامكانك ان تكسب دولارا اخر لكن الثمن حياة طفل او امرأة أو فتى أو فتاة ، او شيخ او شيخة ، انها مراهنة بسيطة قد تكسب 100 دولار لكن الرهان حياة 100 شخص .
انه ربيع الموصل وجزيرة ام الربيعين في منطقة الغابات السياحية حيث تجتمع العوائل تلوذ بالربيع فيمرح الاطفال بالعابهم وتتسامر النسوة تستذكر اياما مريرة هربت منها وثلاث سنين تكاد تنساها ولما تزل ، انه عيد الام لم لا نحتفل فجزيرة ام الربيعين مكان مثالي للاحتفال ، فلنعبر بالعبّارة ولنأخذ بطاقات العبور الى الجنة بدولار اعني الى الجزيرة ، ما هذا ؟ العدد يزداد كفى كفى ، لم يبق موضع قدم للوقوف ، المسافة قريبة ، امتارٌ معدودة ... والعبارة تغطس رويدا رويدا ان السلك متين سيمسكها فلا خوف ، سارت العبارة بدأت المياه تغمرنا تهاوى جانبها الايمن يميل باتجاه النهر ، تزداد الزاوية اتساعا للأعلى نظرنا يتحول نحو السماء سقط الجميع بانقلاب العبارة ولسان حالنا يقول سنعبر، سنعبر فالمسافة قريبة بين ضفتي النهر انقلبت العبارة فوق رؤوسنا والمياه الباردة تحتضن اجسادنا بحنان يلتهمنا النهر يكاد الصراخ يصمّ الاذان هرع من كان قريباً سابحاً الى النهر أحمد سبح باتجاهنا انقذ طفلين سيعود انقذ اربعة اخرين ، لم يتبق الا العجوز سينقذها ويعود تهاوى جسده وهي تجره معها الى قاع النهر ، وأشلاء ما تبقى من العبارة يجرنا بعيداً بعيداً وصل بعضنا حمام العليل وآخرون الى القيارة ومنهم من وصل الى الشرقاط كان الناجون فرادى ومن غرق يعرف الطريق جيدا الى السماء دولار ثمن حياة من غادر او من نجا ساعة فرح املناها لكنه استكثرها علينا وحالنا يقول مخاطبا دجلة :
حييتُ سفحك عن حزنٍ فحييني
يا دجلة الموت رفقاً بالمساكين
حييت سفحكِ حزناناً ألوذ به
أرجو التمهّل من حينٍ إلى حين
كل الذين أخذتِ اليوم احسبهم
بالخلد مسكنهم .. جنات علّين
فرحى أتوكِ لعل اليوم يسعدهم
عمر الزهور وعمرٌ للرياحين
عبّارة الموت يا حدباء كارثةٌ
أين الربيع أيا أم الربيعين
غابتْ وجوهٌ علاها الماء وانجرفتْ
نحو الشواطئ يا حلم المساكين!
هذي هدية عيد الأم مجزرة
فيها النحيب على صمتٍ سيكويني
حييت سفحك هذي العين باكية
حتى الجماد على عجزي سيبكيني
رباه صبرا وصبرا منك أطلبه
دم الضحايا وذا حزني يعزيني
هنيئا لنا وتعساً لمن راهن على حياتنا بدولار يضاف الى قائمة تعاسته ان
كان انسانا .