ملامح التغيير

آراء 2019/03/25
...

د. حسين القاصد 
 
 
من أجمل شعارات هذه الدورة البرلمانيَّة هو إنَّ جميع المشتركين في العملية السياسيَّة ينادون بالتغيير، وينادون بإنهاء الإدارة بالوكالة؛ فأما التغيير فلم نلحظ ذلك التغيير الواضح سوى في منصب الوزير وحاشيته، بينما بقي أغلب وكلاء الوزارات والمدراء العامين في مناصبهم، وهؤلاء هم من يديرون مفاصل العمل اليومي والتفاصيل التي لها مساسٌ بمصائرَ 
الناس.
مثلما يوجبُ تغيير رئيس الحكومة تغييراً في التشكيلة الوزاريَّة، فنراه يطرحُ تشكيلته الوزاريَّة التي يرى أنها ستنجحُ معه في إدارة البلاد، كذلك يوجب على الوزير أنْ يعيدَ النظر ببعض المناصب التي صارت تسمى بأسماء الأشخاص الذين يشغلونها بسبب تجاوز مدة بقائهم فيها الحد المعقول، وحتى غير
المعقول!!؛
إذ ليس من المعقول أنْ تمرَّ دورتان حكوميتان أو ثلاث والوكيل الإداري أو الوكيل العلمي أو الوكيل الفني والوكيل الأقدم وما الى ذلك من الأسماء والمناصب ذات الصفة (الفضفاضة) التي يمكن اختزالها بمنصب أو منصبين، أقول: ليس من المعقول أنْ يبقى السيد الوكيل والسيد المدير العام في المنصب نفسه، بينما يتغير رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الوزراء والوزراء جميعاً!!؛ 
ولعلَّ تغيير السلطات العليا والإبقاء على من بيده الإدارة الحقيقيَّة والملفات المصيريَّة لا يعدُّ تغييراً ولا يُجدي نفعاً ولا يعالج الملفات المتلكئة.
وإذا عُدنا الى المناصب العليا نجد أنَّ هناك وزارات لم تحظ بوزير جديد حتى الآن، كما أنَّ الأنباء تقول إنَّ الفصل التشريعي الأول لمجلس النواب لم يشهد سوى التصويت على الموازنة، فضلاً عن تصريحات رئاسة مجلس النواب بأنَّ بعضاً من السادة النواب لم يقم بتأدية اليمين.
كما أنَّ جلسات مجلس النواب تشهدُ غياباً واضحاً لبعض السادة النواب؛ وبين ظاهرة الغياب المتكرر التي تتحدث عنها رئاسة مجلس النواب وبين انتهاء الفصل التشريعي الأول من عمر مجلس النواب، بقيت أغلب القوانين المعطلة تئن على رفوف الانتظار، ولا مسعف لها.
إنَّ من أهم ما ينتظر الحكومة ومجلس النواب هو إكمال التشكيلة الحكوميَّة والانتهاء من ملف الوزارات الذي استغرق وقتا طويلا، ثم بعد ذلك تنتظرُ الحكومة ملفات كثيرة، أهمها إعادة النظر في أصحاب الدرجات الخاصَّة الذين استغرق بعضهم أكثر من المدة القانونيَّة أو المخصصة لهم؛ ذلك لأنَّ 
التغيير الحقيقي هو تغييرُ من يكون عمله على مساس بالحياة اليوميَّة للمواطن وهمومه واحتياجاته؛ وأنَّ بقاء وكيل الوزير هذا أو ذاك في منصبه، ومثله المدير العام هذا أو ذاك، يعني أنَّه لا تغيير يرتجى، وستبقى الملفات الشائكة والمهملة تستفز الحياة اليوميَّة وتضغط بهاجسها وتلدغ وعي المواطن لتسأله عن التغيير وعما حدث منه، وعن الملامح الجديدة لهذه الدورة 
الحكوميَّة.