رهائن البطل الآسيوي

الرياضة 2022/07/04
...

علي رياح
جرعة مضاعفة من الاهتمام قد تنتهي إلى ضياع أو خسارة أو فشل لمشروع أو لشخص أو لقضية، فهل يمكن - بالمقابل - أن يكون الإهمال وعدم الاكتراث وغياب الإسناد جزءا من عوامل النجاح، إن لم تكن العوامل الوحيدة وراءه؟.
مما خلفه الكاتب الكبير الراحل إبراهيم إسماعيل (معلـّقات) غاية في الروعة احتفظ بها عن رحلة فريق آليات الشرطة إلى بانكوك للمشاركة في بطولة أندية آسيا التي أبرزت اسم فريقنا العظيم نجما للبطولة حتى لو رفض خوض الختام أمام فريق مكابي حيفا الصهيوني، وحتى لو ترتب على ذلك غيابه عن منصة التتويج بطلا لأول مشاركة ناديوية عراقية في الإطار الآسيوي.
يؤكد الأستاذ إبراهيم إسماعيل الصحفي المرافق للفريق أن وفد الآليات الذي رأسه الراحل فهمي القيماقجي نائب رئيس اتحاد الكرة العراقي آنذاك، قد استدان مبلغا من المال من اتحاد الكرة وكان مفترضا أن يعيد المبلغ لدى العودة، ولم يكن في وسع الوفد – بسبب الضائقة المالية - أن يشتري هدايا تذكارية يمكن تقديمها في حفلات التعارف بين الوفود.. أكثر من هذا، لم يتم صرف دينار عراقي واحد لأعضاء الوفد كمصرف للجيب خلافا للتقاليد المتعارف عليها في الإيفادات الرسمية!.
لم يكن كل هذا عائقا أمام (البنفسجي) يحول دون الذهاب إلى بانكوك في رحلة استغرقته يوما ونصفا من السفر طبقا لما أورده الأستاذ إبراهيم، وذلك بسبب كثرة التنقل من طائرة إلى أخرى وفقا لنظام الترانسفير. 
أنهى الآليات مشاركته في البطولة محققا نتائج كبيرة منها الفوز مرتين على تاج الإيراني وعلى بانكوك التايلاندي وبنجاب الهندي، وقد رفض في دور المجموعات مواجهة مكابي الصهيوني، ليواجهه في الختام ويرفض اللعب أمامه في عز فترات الصراع العربي – الصهيوني.
ما حدث بعد الانسحاب يلقي جانبا من الضوء على العوز الشديد الذي كان يعانيه الوفد. كان يتوجب دفع غرامة الإقامة جراء الانسحاب إلى التايلانديين، فماذا فعل الوفد؟ لم يكن أمامه سوى عرض بعض من حاجياته للبيع كي يجمع مبلغا كافيا من الأموال كي لا يبقى (الآليات) أسير ديون يعجز عن سدادها في بانكوك.
يتطور الموقف إزاء رفض التايلانديين السماح لوفد الآليات بالعودة إلى بغداد.. يعرض عدد من اللاعبين قبولهم كرهائن يجري استبقاؤهم في تايلاند لحين وصول المتبقي من الوفد إلى بغداد وتحويل المبلغ المطلوب إلى المنظمين!.
تفاصيل غاية في الغرابة سردها الصحفي الكبير إبراهيم إسماعيل ببراعته وبألم ممض كان يعتصر قلبه.. كان يصف حال اللاعب العراقي بأنه التزم (بالتقشف حدّ التصوف! ).
هنا أحتكم إلى ضمير القارئ وتفسيره، وأتساءل: من أية طينة جُـبلَ أولئك اللاعبون والمدربون والإداريون الأبطال وهم يردَون إلينا الإهمال وعدم الاكتراث وانعدام الدعم، بنصر عجزنا لاحقا عن تحقيقه على هذا النحو الذي يعز على الوصف برغم أننا أجزلنا العطاء واتخمنا جيوب الوفود بالأموال والدلال؟.