أثر العدوى المالية ووعود المستقبل القريب

اقتصادية 2019/04/05
...

د. مصطفى كامل رشيد
مع كل تطور تقني في عالم الاتصالات والمعرفة تزداد دسامة الصناعة المصرفية وأسواق المال حول العالم، وما هي الا فترة وجيزة تكاد لا تتجاوز العقدين من الزمن حتى وصلنا الى مرحلة التخمة المالية عبر العالم في فترة ما عندما كانت البلدان مستقلة تماماً عن بعضها البعض لم يكن بالإمكان الوصول بشكل بسيط الى تقديرات مريحة حول المناخ الاستثماري لكثير من تلك البلدان، ولم يكن باستطاعة الكثير من المختصين التكهن بجدوى المشروعات المالية في ظل ضبابية الإجراءات والقوانين النافذة عبر العالم.
جاء التقدم التقني ليعزز ويمجد عنصر راس المال مقابل عناصر الإنتاج الأخرى فهو يكثف استخدام راس المال ويختزل في المقابل عناصر الإنتاج الامر الذي أدى الى تركيز بلدان العالم على هذا العنصر من دون غيره. وعليه تعددت عمليات التقطير والتكثيف التقني لعنصر راس المال من اجل زيادة معدلات خصوبته وزيادة حجمه بشكل سريع خصوصاً في البلدان النامية التي تفتقر لهذا العنصر، فضلا عن البلدان محدودة الدخل.
ومع كل تطور تقني في عالم الاتصالات والمعرفة تزداد دسامة الصناعة المصرفية وأسواق المال حول العالم، وما هي الا فترة وجيزة تكاد لا تتجاوز العقدين من الزمن حتى وصلنا الى مرحلة التخمة المالية عبر العالم. 
حيث انتعشت أسواق المال العالمية باعداد المتعاملين سواء اكانوا اشخاصاً او مؤسسات او بلدان، كما ان المؤسسة المصرفية كان لها صرح متميز في صناعة هذه الايقونة المتلئلئة التي اختار العالم اقتطافها ليعبر عن بدء مرحلة جديدة من العلاقات المالية الدولية التي كسرت الحدود واذابة الفوارق الطبقية في المجتمعات ولحلحت القوانين الصارمة التي قيدتها فيما مضى، وأصبح العالم قرية صغيرة واخذت أسواق المال تتفاعل وتزداد مع مكوناتها عبر العالم.
ان تداخل العمليات المالية عبر العالم وبالرغم من المميزات والمكاسب التي يجنيها المنظمون والمضاربون والمستخدمون على حد سواء ولد ما يعرف باثر العدوى المالي (Contagion Effect)، والتي تعني سرعة انتقال الاضطراب المالي ما بين الأسواق المالية حول العالم. وعند حدوث احتقان او زكام مالي ما هي الا دقائق حتى ينتشر الى بلدان العالم كافة مهدداً بنيتها المالية ومقوضاً لسلامة الاستقرار المالي العالمي.
اذاً لكل فعل رد فعل يعادله بالمقدار ويعاكسه بالاتجاه مما يفرض ضرورة الاهتمام بهذه الناحية من الانفتاح العالمي ودراسته بشكل مستفيض لكن تبدو ضخامة المكاسب غطت على هذا الجانب واعطت الأولوية للصفقات المالية وحرية انتقال راس المال من مكان لاخر حيثما يجد فرصة للتعبير عن مكنوناته. فعندما حدثت ازمة الرهن العقاري سرعان ما تضرر العالم باسره وضاعت الكثير من الأموال. وبالرغم من أنظمة الإنذار المبكر والقيود المتشددة التي ارست ركائزها الجهود الدولية من اجل بناء استقرار مالي دولي سوف يتهشم بسرعة عندما ترتفع شهوة النصر نحو تراكم الثروات من
جديد.