بدأت الصومالية واريس ديري حملة جديدة ضدّ ختان الإناث، مع أواسط شهر مارس الجاري، معلنة أنّ”ختان الإناث لا يزال يحدث لأن العالم يغض الطرف عن تلك الجريمة التي ترتكب بحق الفتيات”.
وأكّدت ديري أنّ هذه الحملة هي “أصعب مهمة على الإطلاق أضطلع بها في حياتي. لكن يتعين علي القيام بها لأنه لا أحد آخر لديه هذا الالتزام وسأكمل هذا إلى النهاية”.
حياة ديري التي سيقوم جيل ميمرت وأوي فاهرينكروغ بيترسين بتحويلها إلى مسرحية موسيقية ستعرض للمرة الأولى في بلدة سانت غالين السويسرية في فبراير 2020، لا تزال تلهم العالم، ليشارك في الجهود الرامية إلى إيقاف مذبحة الإناث التي تنتشر في المناطق ذات التعليم المتدني والتقاليد العنيفة.
وتعد ديري من القليلات اللائي حوّلن الكفاح ضد ختان الإناث إلى قضيتهن الشخصية، وهي من أجل هذه القضية المحورية في حياتها تركت خلف ظهرها نجوميتها التي صنعتها في عالم الإعلانات والأزياء
والفن.
أطلقت عليها قناة الـ”بي.بي.سي” عام 1995 لقب “امرأة من البدو في نيويورك” في فيلم وثائقي يروي حياتها الفنية وشهرتها العالمية بعد طفولة بائسة في الصومال، لكن لم يدُر بخلد صانعي الفيلم أن ديري تخفي في رأسها قضيتها الحقيقية التي كشفت عنها للعالم بعد عامين من عرض الفيلم.
تقول ديري إن هدفها هو إلغاء هذه الظاهرة نهائيا في جميع أنحاء العالم. لكن المشوار لتحقيق ذلك لا يزال طويلا ويتطلب المزيد من الجهود والتوعية.
وقد حصلت ديري هذا العام على دفعة معنوية مهمة في مشوار نضالها الطويل، بحصولها على جائزة “سونهاك للسلام”المرموقة في سيول،.
والجانب الإيجابي لهذه الجائزة التي تبلغ قيمتها مليون دولار أنها مكنت من إعادة تسليط الضوء على جهود مكافحة ختان الإناث وتشويه الأعضاء التناسلية للنساء أمام نحو ألف من كبار المسؤولين والشخصيات العالمية وممثلي المنظمات الدولية في حفل التسليم، فضلا عن استثمار القيمة المالية للجائزة في تمويل جهود مكافحة ختان الإناث لاسيما في أنحاء أفريقيا.
ولدت ديري في صحراء الصومال عام 1965 في قبيلة بدوية، وشرعت منذ طفولتها الباكرة في رعي الأغنام كما يفعل بقية أبناء وبنات القبيلة. لم تلبث أن شاهدت العمليات الوحشية التي تجري من حولها بحق الإناث، قبل أن تخوض التجربة مرغمة تحت الذعر من شفرة إحدى الغجريات، وقبل أن تفقد أختها التي ماتت متأثرة بنزيف حاد بعد الختان.
إذاً كان هناك سبب كاف يدفعها إلى أن تكون مناضلة شرسة وفي مقدمة الصفوف المحاربة لختان الإناث، وهو أنها تعد ضحية أيضا لهذه الظاهرة حينما تعرضت لتشويه أعضائها التناسلية في سن الثالثة هي وشقيقتها في بلدها الصومال، قبل أن تنجح في الفرار إلى مقديشو ومنها إلى لندن بعد أن تم تزويجها برجل في الستين وهي لا تزال طفلة.
وبسبب عدم تمكنها من الإنكليزية عملت ديري في مطاعم “ماكدونالدز”، غير أن جمالها غير العادي كان سبباً في عثور المصورين عليها، لتتحول إلى نجمة في عالم الموضة.
أسست الحسناء الصومالية جمعية “زهرة الصحراء” في فيينا بالنمسا، بهدف التوعية بمخاطر الختان، وهو الاسم ذاته الذي يحمله عنوان كتابها “زهرة الصحراء” الذي تم تحويله إلى فيلم يروي حياتها عام 2009 محققا نجاحا مهما بحصوله على جائزة مهرجان بافاريا السينمائي في ميونخ عن فئة “أفضل فيلم”، وجائزة الجمهور عن فئة “أفضل فيلم أوروبي” في مهرجان سان سيباستيان السينمائي
الدولي.