صناعة المستقبل

الرياضة 2022/12/28
...

علي حنون


في ضفة أخرى، هي في تعاطيها المهني، بعيدة كلّ البعد عن التفكير العاطفي، ويقيناً هي ليست قريبة من حدود التفكير الافتراضي والتسويق للأمر من باحة الرؤية الوطنية، فإنَّ منطق الواقع الذي وقفنا على تفاصيله، يُؤكد وبصورة قطعية أنه لا يُمكن لأيِّ لاعب عراقي مهما اعتدّ بإمكاناته أن ينجح في حال احترف في مسابقات عالية المستوى الفني، ولاسيما في الدوري الأوروبي ونقصد هنا المسابقات الصفوة ومع الفرق الكبيرة ولأسباب لا ترتبط جميعها في عجلة الإمكانات الفنية فقط، مع أنَّ المستوى يتقدم المعايير الأخرى، إلا أنَّ هناك فضائل أخرى غائبة عن لاعبينا تجعل من إمكانية نجاحهم عالمياً أمراً غاية في الصعوبة، ولعلَّ من بينها البيئة الرياضية، التي تتباين كثيراً بيننا وبينهم من حيث الاحترافية بمعناها الواسع والمطلق وهي غير التي نُفسرها ونسير في سبيلها، ذلك أنَّ احتراف الآخرين عالمي وحقيقي بينما الحال عندنا محلي وافتراضي في العديد من مفاصله.

وأيضاً هناك الأرضية، التي بُنيَ عليها اللاعب والبنى التحتية لفواصل المسابقة، فالجانب الذي يتعلق بلاعبينا يطول طبيعة بنائهم الفني والنفسي، وهو بلا ريب غير متين وربما غير سليم لذلك تجد أغلبهم يتعثر إذا لم نقل ينتهي فنياً في سن مُبكرة حتى أنَّ لياقته ودرجة استيعابه للتوجيهات تكون بطيئة نسبياً وتركيزه يقل في مرحلة غير مُتوقعة مقارنة باللاعب الأوروبي أو ابن الأميركتين، فضلاً عن الجدية، التي يتمتع بها اللاعب الأوروبي وتعاطيه مع وقت التدريب والاستعداد للمباريات بصورة مهنية عالية، إلى جانب التزامه الغذائي وركونه إلى الاستشارات النفسية، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى هي- دون أدنى شك- غائبة عن لاعبينا ومُغايرة تماماً للمزاجية وعدم الجدية لوجوهنا من اللاعبين، وفي ما يتعلق بالبنى التحتية للمسابقة المحلية فإنها لا تحتاج إلى براهين لتأكيد تخلفها عن المحيط وليس عن المسابقات الأوروبية العالمية من حيث التخطيط والالتزام والاحترافية في التعامل والتسويق والإعلان والقرار الواحد.

لذلك لا نعتقد أنه وحتى في المستقبل القريب يستطيع لاعب عراقي أن يحترف في مسابقات من العيار الثقيل عالمياً وما يجري من حديث في هذا الجانب بين الفينة والأخرى، بصدد مواهب تحتضنها ملاعبنا هي مؤهلة لأن تكون حاضرة في مسابقات عالمية، فإنه لا يعدو كونه كلاماً للتسويق ليس غير، والبراهين عديدة ولا نذيع سراً بالقول إنَّ الخشية تأتي من باب عدم القدرة على (تصدير) لاعبينا في غضون سنوات قليلة إلى المسابقات الإقليمية، لأنَّ ذلك ما تُشير إليه المستويات الفنية لبقايا لاعبين يعيشون (خريف) عطائهم الاحترافي.. الأمر بات صعباً فصناعة اللاعب وتأهيله للتواجد في دوريات كبيرة تحتاج إلى التخطيط والعمل بكل إملاءات هذا التخطيط والعمل بصبر وحنكة والتعاطي مع تفاصيله برؤى مهنية عالية ودون ذلك، فإننا سنبقى ندور في ذات الفلك ولن نتقدم خطوة واحدة باتجاه التغيير الإيجابي.