ما خلـّفه ماكلنن لحمودي!

الرياضة 2023/01/02
...

علي رياح 


حين دخل العراق دورات الخليج بكل صيته وبأسه ونجومه، من بوابة الدوحة 1976، كانت الفرحة كبيرة لدى العراقيين.. فرحة كانت تنمو وتتصاعد مع تواصل المباريات، ثم جاءت الخاتمة بصدمة كبرى ربما ما زالت مرارتها تمسك بذاكرة من عاشوا فصل النهاية أمام الشقيق الكويتي والخسارة الرباعية التي لم تكن في حسبان أشد المتشائمين!

برغم تلك الصدمة، أحبَّ قطاع واسع من العراقيين مدربنا الأسكتلندي داني ماكلنن الذي قاد المنتخب وسط مصاعب افتعلها أناس قريبون منه في أداء المهمة.. ذلك الحب ربما اقترن باجتماع نخبة من خيرة نجوم ذلك الزمان في منتخب واحد، أو لأن الرجل وقف بثبات خلف المواهب الصاعدة وقدمَ لها في عهده الذي لم يدم طويلاً فرصة الانضمام إلى المنتخب ثم الاستمرار معه، وفي طليعتها الحارس رعد حمودي الذي ظهرَ للمرة الأولى مع المنتخب في مباراته الدولية أمام تركيا في يوم عاصف شهدته العاصمة بغداد، ثم كان مميزاً في عدد من مباريات البطولة الخليجية قبل أن يتعثر في الختام الكارثي!

كنت دائماً، مع الصديق النجم رعد حمودي، استعيد ظروف وخلفيات اللقاء الأول الذي سبق المشاركة في دورة الخليج العربي الرابعة.. لقد كان تحدي العمر بالنسبة له وللمدرب الأسكتلندي، إذ يروي رعد أنه وبعد المباراة، حظي بتحية خاصة من المدرب ماكلنن.. "قال لي: اعجبتني جداً ثقتك العالية في نفسك.. كنتُ مقتنعاً تماماً بقراري، لكن الجزء الأهم كان من اختصاصك.. أنت وحدك من قرّرَ نجاحك في هذه المباراة، وأنت تعرف أن هناك حارساً أكثر خبرة منك وهو جلال عبد الرحمن. الآن أنا مطمئن.. سنذهب إلى دورة الخليج العربي بحارسين بارعين، وانتظر مني الكثير من الثقة، وسأنتظر منك الكثير من النجاح".!

 ويكشف الحارس المتألق دوماً (وهذا اللقب أطلقه عليه المعلق الكبير الراحل طارق حسن) عن سر آخر أحاط بتلك المباراة، إذ يقول: في أمسية ذلك اليوم استدعاني شيخ المدربين عمو بابا وكان مساعداً لماكلنن، وقال لي وهو يحتفظ بذات الابتسامة التي كان عليها وقت إبلاغي بقرار خوضي المباراة: (لعلمك.. ماكلنن كان قلقاً جداً كلما اقتربت الكرة من المرمى العراقي، وهو معذور، فقد اتخذ قراراً خطيراً ومهماً وأنت أصلاً غير معروف دولياً لدى عامة الجمهور العراقي الذي يعرف جلال عبد الرحمن.. لكن الرجل كان مؤمناً بموهبتك، وكان يخشى عليك من هفوة في أول مباراة، فتدفع أنت وهو الثمن"!

تجربة أولى مَرّت بسلام ونجاح وحضور مميز لرعد حمودي، تركت الانطباع الحسن الأول عنه لدى الجمهور العراقي بالذات والذي ربما سيجد فيه لاحقاً امتداداً لألق الحارس الكبير الراحل ستار خلف.. وإن هي إلا بضعة أيام ويعود المنتخب إلى ملعب الشعب، ويعود رعد حمودي ليقف بين (الخشبات الثلاث) أمام المانيا الشرقية، وهذا ليس تعبيراً مجازياً، فلقد كان قائما وعارضة المرمى مصنوعة بالفعل من 

الخشب!