مطر البصرة

الرياضة 2023/01/11
...

علي الباوي

إلى أول أمس الاثنين كان المطر في البصرة يدعو إلى الحزن إلا أنه هذه المرة تحول إلى فرح عارم، ودلالة رمزية لانطلاقة إيجابية.

مباراة منتخبنا الوطني ونظيره السعودي بأجوائها الماطرة الفريدة من نوعها كانت علامة فخر كبرى ليس فقط على مستوى الانتصار الكروي وإنما بالشكل الذي ظهر عليه منتخبنا وهو يتغلّب على نفسه ويقدم صورة مشرفة بدنياً ونفسياً وفنياً لرد الجميل للجمهور الكبير الذي عانى من الأجواء غير الطبيعية التي رافقت أحداث اللقاء.

لقد كانت هذه المباراة خارج كل القياسات وبدل أن تكون تكتيكية وفنية وخططية جاءت بدنية وعاطفية بالمقام الأول فالأمطار الغزيرة التي سقطت على أرض البصرة يوم الاثنين 9-1-2023 لم تكن اعتيادية وكان على اللاعب قتال الطبيعة وبذل المجهود المتصاعد من أجل السيطرة على الكرة والأرضية المبللة.

إن ماقدمه لاعبو منتتخبنا سيكون علامة بارزة في التاريخ الكروي المحلي والخليجي فلم يسبق أن وقع هكذا ظرف، وأيضاً لم يسبق أن عاندت الكرة القوة العضلية للاعب العراقي، وبالمحصلة كانت مباراة لفنون عدة السباحة والكرة الطائرة وبناء الأجسام والتزحلق على المياه فضلاً عن رياضة القوارب البشرية.

للمرة الأولى تسقط إرادة المدرب وكل الاستعدادات التحضيرية وتبرز غيرة اللاعب ومستواه البدني والعاطفي.

كان اللاعب العراقي ينظر إلى الجمهور المرتجف من البرد والمنقوع بالمطر فتزداد قوته وإصراره على المضي قدماً لتحقيق النصر .

إنها مباراة فريدة من نوعها وتدلُّ على غيرة اللاعب العراقي حينما تكون الظروف مؤاتية، قطعاً المطر لايبعث على الحزن كما يقول السياب وإنما يظهر معادن الرجال وحبهم لوطنهم.

لقد سقطت كل أدوات الرياضة ولم يتبق سوى الجهد البدني ومصارعة الأنواء والطبيعة والانتصار

 عليها.

مباراتنا أمام السعودية كانت هديّة سماوية لتطييب الجروح وإنعاش حب الحياة والتطلع إلى الإنجاز لقد كانت مواجهة تاريخية لن تنسى أبداً، فكميات التحدي كانت فوق معدلاتها بكثير، إنه فريق عبّر عن حبّه لوطنه نحن لانقول إن المنتخب حقق إنجازاً رياضياً كبيراً وإنما نؤشِّر هنا لوجود الوطنية والغيرة والتقدير للجمهور والشعب ولأسم العراق.

لقد كانت هذه المباراة درساً أخلاقياً وانتمائياً في المقام الأول، وحلوة جداً يامنتخبنا لقد كنتم فعلاً أسود الرافدين.