يخاف من القطن!

ولد وبنت 2023/01/14
...


عزيزي الدكتور قاسم. 

تبدو مشكلتي غريبة فأنا أخاف من القطن والشاش الطبي ولا أستعملهما أبداً، وحتى عود تنظيف الأذن لاحتوائه على قطن.. ولا أستطيع رؤية أي واحدة منهما وكثيراً ما أقع في مواقف محرجة. مرة بالكيا صعدت وبعدي صعد ولد ايده مكسوره ومجبريها ويظهر قطن فنزلت من الكيا مسرعاً وبشكلٍ ملفتٍ للنظر والناس قالت: (هذا شبيه؟!). ومرة أخرى كانت حفلة ختان ابن أخي والعائلة مجموعة كلها وعندما حضر الطبيب وفتح حقيبته وأخرج الأدوات والقطن حينها فزعت وخرجت من بيت أخي هارباً فانحرجت أمي وزوجتي من هذا الموقف غير المبرر لأنَّ الكل سألوا عن سبب خروجي المفاجئ ولا أحد يعرف بحالتي غير والدتي التي دائماً ما تحاول أنْ تجد لي الأعذار.

والمشكلة الكبيرة.. أنَّ زوجتي حامل وتقول الطبيبة إنَّها من المحتمل أنْ تلدَ بعمليَّة قيصريَّة.. يعني مستشفى وقطن وشاش و... وأنا لا أستطيع مرافقتها، وعندما يولد الطفل يحتاح حفاضات وأيضاً هي الأخرى أنزعج بشدة منها، وحتى الكلينكس الأبيض فأنا دائماً أستعمل الكلينكس الملون بحجة أنه معطر.

أنا أعرف أنَّ لديَّ رهاباً وراجعت طبيباً نفسياً وتحدثت معه لكنه أرعبني وقال إنك تحتاج الى علاجٍ طبي وجلسات نفسيَّة.. ثماني جلساتٍ، اثنتين في الأسبوع بالأقل، وهذا غير معقولٍ لأنه يحتاج الى وقتٍ وجهدٍ ومالٍ وأناً ليس لدي وقتٌ وخصوصاً ولادة زوجتي اقتربت.

أرجوك ساعدني.. صف لي دواءً يقلل الأعراض بحيث أستطيع أن أبقى بمكانٍ فيه قطن.. أريد مرافقة زوجتي أثناء ولادتها، وإذا تركتها برفقة أمي وأمها يا ويلي منهم ومن كلامهم.. أرجوك ابعث لي الرد بالإيميل بأسرع وقتٍ ممكنٍ وسأنتظر جريدتكم الرائعة (الصباح) وجزاكم الله ألف خير.


الأخ طارق:
واضحٌ أنك تعاني من حالة رهاب تصنّف ضمن (المخاوف البسيطة). والمظهر لهذا النوع من الفوبيا يكون محدداً بموضوعٍ معينٍ أو موقفٍ معينٍ. مثل رؤية الدم أو الوخز بالأبر.. حيث يظهر فيها الخوف واضحاً على صاحبه وبصورة زائدة وغير معقولة. ومع إدراكه أنَّ خوفه هذا غير معقولٍ وزائدٍ عن الحد، فإنَّه لا يستطيع السيطرة عليه، ولذلك فهو يتجنب الموقف المستدعي للخوف، ليس فقط لأنه يعرّضه الى الارتباك أمام الآخرين الذين سيسخرون منه، بل ولتوقعه أنه سيصاب بالإغماء أو الهرب مذعوراً. فكما تصرخ الطفلة وتهرب مذعورة من رؤية الفأرة مثلا، فإنَّ الرجل (بشوارب وهيبة) يرتبك ويحمر وجهه ويخاف فعلاً من رؤية الدم 

مثلاً.

المعروف، أنَّ سبب كل هذه المخاوف هو: القلق، ولكنْ ما هو غير معروفٍ هو مصدر هذا 

القلق. 

ففي حالتك: ليس القطن بحد ذاته هو السبب، بل شيء ما هو الذي جعل القطن يثير لديك خوفاً غير معقول؟

تلك هي مهمة المعالج النفسي.. الكشف عن هذا الشيء والوصول الى العلّة، إذ لا بُدَّ أنْ يكون القطن قد ارتبط بحادثة مؤلمة أو مثيرة للفزع حصلت لك بمرحلة الطفولة وفزعت منها مذعوراً، كأنْ يكون المضمد (ضربك أبره وطلع دم وجاب قطن وره قطن وما 

نقطع). 

أما الخوف الذي يحصل لديك الآن فلأنَّ وعيك لا يريد أنْ يسترجع تلك الحادثة (المروعة) فيعمل على أنْ يتجنب رؤية القطن الذي يشغّل شريط المشهد المفزع، بأنْ يدفعك الى الهرب منه كي لا تراه، فضلاً عن أنَّ أفكارك (توديك) الى أنك إذا بقيت بمواجهة القطن فإنَّ أمرك سيفتضح للناس، وتصورك بأنه سيغمى عليك وستكون (مسخرة).

وبما أنك لا تريد العلاج بطريقة الجلسات التي حددها لك أحد الأطباء، وبما أنَّه لا يوجد دواءٌ يعالج هذه الحالة بالسرعة التي تريدها، فإنَّنا ننصحك بمراجعة معالجٍ متخصصٍ بالتحليل النفسي، أو مراجعتنا إنْ أحببت. وسنحدد لك التفاصيل برسالة خاصة عبر بريدك 

الالكتروني. 

ولا تعجب من أمرك أنك تخاف من القطن.. فنابليون كان يخاف من الكلب! وهتلر كان يخاف من 

الظلام!