تجربةٌ تشكيليَّة تنطلق من العواصم الأوروبيَّة باتجاه السليمانيَّة

منصة 2023/01/17
...

انتقل الفنان التشكيلي الكردي أوسو بتجربته من أوروبا إلى الداخل العراقي، عبر معرض مشترك في السليمانية، بكردستان العراق، إلى جانب عدد من الفنانين، حيث جسدت لوحاته التأثيرات التي يتلخص فيها تاريخ وثقافة الشرق.

وقال أوسو لـ الصباح إن «الرسم والتصميم والخط العربي من أهم العناصر في التشكيل العربي، لا سيما العراقي، وقد أحدث إدخال التقنيات الحديثة في الفن التشكيلي العراقي إلى تطور كبير في الأساليب والمضامين».

 وعُرف عن الفنان أوسو المقيم في النرويج، حرصه على رسم الطبيعة بتفاصيلها الدقيقة، وهو الذي لازمه عشقها منذ الصغر، ليتأثر لاحقا بأساليب الفن الحديث الأوروبية والأميركية.

بدأ أوسلو مسيرته الفنية في المدارس الفنية المعروفة في العراق وسوريا ولبنان، ورافق فنانين عراقيين وعربا، مقيما ومشاركا في العشرات من المعارض الفنية، لكن الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لم يكن سهلاً، فاضطر إلى الهجرة إلى النرويج، ليبدأ تجربة تشكيلية جديدة تمازجت فيها تجربته في الوطن، مع مستجدات الحياة الجديدة في المهجر.

ويرى أوسو في حديثه لـ «الصباح» أن «الأوضاع المضطربة التي تعيشها معظم الدول العربية اضطرت الفنانين العرب إلى الهجرة، بحثا عن نافذة إبداع لا تتوفر إلا بحياة مستقرة».

وحين استقر الحال بالفنان أوسو في العاصمة النمساوية فيينا، بعد تعب الارتحال بين العواصم والمدن، تمكن من التأسيس لمنهج ابداعي في التشكيل، عكسه الإنتاج المنتظم والمعارض الدورية، التي تستقطب الجمهور الواسع وهو ما لم يجده في الدول العربية، وفي فيينا التقى الفنان العراقي النحات حاوي رحمن.

يقول الكاتب سامي التميمي لـ «الصباح»، عن التجربة الفنية، للفنان أوسو: «لقد انفتحت الأبواب الموصدة أمامه، وأطلق العنان لريشته، واستطاعت لوحاته الجميلة المعبرة عن الحب والحياة والأمل والحرية، أن تجتاز كل الحدود وتنال إعجاب النخب الفنية والثقافية، رغم الصرخات وقساوة الزمن وتناقضاته وذكرياته الممزوجة بعبق الماضي، لكنها تبقى المحفز والمرجع الذي ينهل منه أفكاره وتصاميمه وروحه ونفسه وإبداعه».

يتابع التميمي: «الدفاتر العتيقة كثيرة في خزائن أوسو، ورغم الغبار التي يملأها لكن عطرها ينتشر، والشعور بتقليب الماضي ومواجعه، وعشق الصبا، يبقى نبراساً يضيء الأزقة الضيقة المليئة بالتعرجات».

ومعارض الفنان وأمسياته الثقافية والفنية في العاصمة النمساوية والأوروبية كثيرة، وكلها تبحث عن الحضور الإيجابي وحب الحياة.

يعج تشكيل أسو بألوان حادة متموجة نحو الهدوء بين الأصفر والبرتقالي والازرق والاخضر، وفي حين يحرص على التعبير عن الحزن بألوان قاتمة، تنجلي اللوحات عن أمل عبر الألوان الباردة، فتتحول الخطوط عنده إلى لوحة كأنها ملصق.

ويحرص أوسو على أن تكون اللوحة جذابة بصرياً وواضحة المعنى والمضمون.

كما يقترب أوسو في تشكيلاته من التجريد، نحو الرمزية، لكن بحرص شديد على الوضوح.

ورغم عيشه في المهجر، فإن لوحاته التي انتقلت من أوروبا في السليمانية، ما زالت مرتبطة بالجذور، وتعكس الواقع الاقتصادي والاجتماعي لماضيه في الوطن الأم، بايحاءات شرقية دالة.