بغداد: سرور العلي
{الطبخ هواية وليست حكراً على النساء}، بهذه العبارة عبّر الشيف خلدون العزاوي عن شغفه بالطبخ، ليصبح في ما بعد صانع محتوى على موقع يوتيوب، بنقل صورة عن حياة القرية في محافظته صلاح الدين، والطبخ بشكل يومي، ليكون له جمهور واسع على السوشيال ميديا في العراق، وعن ذلك بيّن لـ{الصباح}، الشاب الحاصل على دبلوم بقسم الإدارة القانونية:
"الطبخ يشكل جزءاً كبيراً من حياتي، ويومياً أعد الطعام لوالديَّ الكبيرين بالسن، لا سيما أنني تعلمته من والدتي، وبمرور الأيام تمكنت من تطوير إمكانياتي إلى أن أصبحت ماهراً بهذا المجال".
مضيفاً "نلاحظ اليوم كثيراً من الشباب يتجهون إلى الطبخ، سواء كانوا أصحاب شهادات بالسياحة والفندقة، أو ممن يتعلمون من اليوتيوب وغيرهم الذين يدخلون دورات خاصة والبعض منهم لديه هواية ويرغب بأظهارها، والآخر يدفعه الشغف بالطبخ إلى افتتاح مشروع ربحي يسترزق منه، لا سيما ونحن بالعراق يشكل لدينا الطعام وطبخه مكانة مهمة
بحياتنا".
إن سبب ازدياد أعداد الشيفات لهذه المهنة خصوصا الشباب، هي للتطور العالمي لفنون الطبخ، إذ يوضح الشيف وعضو الطهاة العرب لؤي الشمري أن المنافسة بين الدول في سبيل أحياء الأكلات التراثية والشعبية لبلدانهم، وتطويرها بما يناسب عصر التكنولوجيا الحديثة، إضافة إلى كونها مهنة حيوية، وذات تنوع اندماجي في عالم الطبخ بين مختلف البلدان، وتتمتع باستمرارية في ديمومة الرزق وبالنسبة للشباب يكتسب من خلالها روح المنافسة والصبر والإطلاع على ثقافة الشعوب الغذائية وتنوعها، كما تعتبر مهنة متعلقة بجميع أنواع الاستدامة، من خلال إيجاد طرق بديلة في أعداد الطعام.
وبين الشيف الشاب منتظر أحمد، أن وجوده بهذا المجال هو للدراسة، كونه في معهد للسياحة والفندقة بقسم إنتاج الأطعمة، كذلك لحبه للطبخ، واتخاذها كهواية، لا سيما أن خاله شيف جيد، ما شجعه على خوض التجربة، إضافة إلى أنه تعلم الكثير في المعهد، وأثناء الدراسة النظرية، والتطبيق الذي قام به في عدة فنادق، ولمدة 45 يوماً، ثم تطورت إمكانياته أكثر على يد طباخين ماهرين، إما عن سبب زيادة الشباب باقتحام هذا المجال فأكد "هو لزيادة السياحة في العراق".
مهندسة المطبخ العراقي، ومؤلفة كتاب شغفي بالطبخ نغم النجار أوضحت:
"من خلال عملي في هذا المجال أجد أن هناك عدداً كبيراً ممن يحاولون دخول أو انتهاك الدخول إلى عالم الطبخ، من دون وعي أو إدراك للدور الذي سيقوم به، ومن دون حتى امتلاك أقل مستوى من الإمكانيات، لممارسة هذا الدور الإ وهو دور الطباخ، ومؤخراً أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي تعج بمئات، بل مئات الآلاف من الطباخين، أو من يطلقون على أنفسهم لقب (شيف)، كنتيجة بديهية لهوس الشهرة، وهوس الكسب المادي السريع الذي بات المحرك الأساسي لهؤلاء، ويقوم معظمهم بإنشاء قناة على اليوتيوب، (وهذا أسهل من السهل نفسه)، أو حتى عمل فيديوهات في الطبخ، بأسلوب أقل ما يمكنني وصفه بأنه إساءة كبيرة لهذا الفن العريق، وبرأيي أن عزوف الشباب عن إكمال التعليم، أو تطوير الذات بالعمل الميداني الدؤوب، ومحاولة كسب المال بأي شكل أوجد هذه الشريحة الواسعة، التي دخلت عالم الطبخ بشكل دخيل، وغير مستساغ، كذلك أعتقد أن هذه الفوضى في عالم الطبخ أصبحت واسعة النطاق بطريقة غير مسبوقة، ولكنها تبقى محكومة بالمتلقي، الذي سيكون له الاختيار في تعزيز هذه الفوضى، أو القضاء عليها تماماً".
الشيف ريم عمر، وهي صاحبة مطعم لفتت إلى أن هنالك مثل شعبي يقول (كثرة الطباخين تحرق الأكلة)، ومن الأسباب العامة العالمية هي الانفتاح على مطابخ العالم، والسوشيل ميديا، الذي ساهم بنقل الكثير من ثقافات أكل مختلف البلدان الغربية والعربية، فنرى اليوم أن الأكلات العربية التقليدية أصبحت غير تقليدية، وتتداخل فيها وصفات أوروبية والعكس أيضاً، إذ صار كثير من الشباب اليوم يتوجهون لعالم الطبخ بغاية لقمة العيش، وجلب المال فقط، وتعلموا الطبخ بشكل سطحي، ولم يتعمقوا بالتوابل والمواد وامتزاجها، فالطبق هو لوحة فنية، يبدع بها الشيف والدليل على ذلك هو اختفاء الطعم الأصلي للطبخات التقليدية المشهورة، وأضحى كل مطبخ يطهوها بشكل مغاير، كأنه في سباق، وظناً منه أنه سيجعلها ألذ.