علي رياح
إذا وضعنا ما تحقق لمنتخبنا الكروي في خليجي 25 في مرتبة الإنجاز بعد غياب دام خمساً وثلاثين سنة، فإن لمثل هذا الإنجاز موجبات والتزامات وخطوات لاحقة ينبغي أن نذهب إليها، ونسعى إلى تبنّيها، وتنفيذها دونما تردد!
لا اتحدث هنا عن الجوانب الفنية، إنما أشدّد على الجوانب المحيطة التي كانت أساسية في بلوغنا حالة النجاح برغم كل ما قيل عن هفوات في هذه الجزئية أو تلك.. لن ننسى أبداً أن هذه هي تجربة البصرة الأولى على الصعيد التنظيمي منذ دخول الكرة إليها قبل ما يزيد عن قرن من عمر الزمن.. في الأمس، كانت تجربة المدينة عبارة عن مباريات محلية أو استضافة فرق زائرة من خارج الحدود خصوصاً خلال العقدين الستيني والسبعيني، ولهذا كان حجم التحدي كبيراً جداً في البطولة الخليجية، وقد كانت الهمّة في تنفيذ ما أمكن من التعهدات لاتحاد كأس الخليج العربي أساساً لالتماس خطوات النجاح الذي بدّد كل التساؤلات المحقة التي حملت العفوية وحسن النية أو تلك التي كانت مشكِّكة بحق البصرة والعراق، وهكذا تلازمت عوامل النجاح بفضل الاندفاع نحو سد الثغرات، وقد التمس كل محب للعراق من أهلنا في الخيج العذر لنا، وكنت أرى لدى كثيرين منهم حرصاً يوازي الحرص العراقي على أن تبلغ البطولة منتهاها لتدخل سجل المسابقة من الباب الواسع.
انتهت البطولة، لكن دروسها ستبقى ماثلة أمام أنظارنا، حتى لا نتعرض في يوم قريب أو بعيد لأي مساحة من الإحراج على المستوى التنظيمي.. وحين يتعلق الأمر بالبصرة تحديداً، فإن نجاحها الكبير يستلزم تحركاً لاستكمال كل المرافق الخدمية والتنظيمية التي تجعلها مؤهلة في أي وقت لاحتضان حدث مماثل ربما يكون بحجم مماثل أو ربما يكون في إطار أوسع.. اتحدث تحديداً عن الجانب الإسكاني المتعلق بالفنادق الكبيرة التي ستكون مقصداً لعدد أكبر من الجماهير القادمة سواء من الداخل أو الخارج لمتابعة أي حدث كروي تحتضنه البصرة بعد أن أصبحت بواب رئيسة لنا على هذا الصعيد..
الأمر ذاته ينسحب على عدد من المدن العراقية الأخرى التي نالت من قبل ميزة الحصول على ملعب دولي بين ربوعها.. القائمة هنا تشمل بغداد والنجف وكربلاء والكوت وميسان ، ويمتد الأمر ليشمل زاخو والسليمانية وأربيل.. ماذا لو حظي العراق ببطولة تستوعب عدداً أكبر من المنتخبات وأعداداً واسعة من اللاعبين والمدربين والإداريين ورجال التنظيم والإعلام، هذا بالاضافة إلى اتساع الرقعة الجماهيرية التي تستهويها المتابعة من قلب الحدث؟
المهمة هنا تتعلق بالحكومة المركزية بالذات والتي لمست امتدادات الأصداء الإيجابية على خليجي خمسة وعشرين سواء على الناس هنا أو على الضيوف والزوار القادمين من الحدود.. عليها أن تبني لمثل هذا النجاح أرضية أكثر سعة وصلابة وحداثة وتطوراً، وهذا – في تقديري- أهم درس قدمته البطولة الخليجية، لكي نستعد للمستقبل بقدرات تنظيمية تليق بالعراق.