في {خليجي 25 } :الفيحاء تعكس صورة الجمال والبهاء والإباء للعراق
بغداد: سعاد البياتي وغيداء البياتي
انتهى عرس خليجي 25، وترك في نفوسنا ونفوس الوفود والمنتخبات وكل من حضر لهذا الكرنفال الرياضي، أروع صور التلاحم والعشق للعراق، الذي فاق التوقعات بكل تفاصيله، مساحة الكرم والضيافة والاستقبال عززت روح الأخوة العربية، واستطاع الشعب أن يثبت أن البصرة أم الخير الوفير والحضارة والطيبة والسلام، فقد أبدعوا وأجادوا في لفت أنظار العالم والشعوب العربية نحو الواجهة الجميلة للبلد، وعلقت صورة في الأذهان عن سحر ما شاهدناه من قصص الطيبة والجود العربي، التي اذهلت المشاركين والمتابعين كافة.
هذا هو العراق منذ بدء الخليقة، معدن حقيقي للشعب الوفي والمحب للفعاليات الرياضية والبطولات التي فقدناها منذ أعوام.
حكايات وقصص الضيافة والكرم البصري تجسدت في أكثر من حادثة ومكان، اذ ضرب للعالم اروع امثلة الدهشة، ويعجز الوصف عن تسطير كلماته التي لا توازي.
ترحيب سكان البصرة بالمشاركين وبالبطولة، متسابقون على ضيافة الوفود ليس فقط بالطعام والشراب، بل رافقته الفعاليات الاجتماعية والفولكلورية والترفيهية على مدى أيام البطولة، والتي تركت بصمة جميلة في نفوس كل من حضر البطولة، هذه هي طبيعة الشعب العراقي المحب للعروبة ومنطقته الخليجية، و من دون مجاملة او تزييف، فهذا الشعب تمكن من تجاوز محنته لإعادة إشعاعه من جديد.
نساء في حضرة الخليجي
من خلال متابعتنا لما عرض في شاشات التلفاز ومنصات السوشيل ميديا من فيديوهات تبين كرم نساء الفيحاء في هذا الكرنفال العراقي البصري الذي ادهش الحاضرين، فقد قامت إحدى النساء من كبيرات السن بالترحيب الكبير والمميز لمراسل إحدى القنوات الخليجية، وبيّنت طيبة أهل البصرة وما يحملون من بساطة العيش، مستحلفة اياه في البقاء معها لضيافته وتذوق الأكل البصري بإصرار وصدق، مما نال ما تفوهت به من كلمات بسيطة وجميلة اعجاب المذيع وانبهاره من هذا الكرم العراقي الأصيل.
كرمٌ وضيافة
واستقبلت الحاجة فوزية رجب، بترحاب كبير مجموعة من مقدمي البرامج الرياضية الخليجية، وقامت بضيافتهم وشرح الأكلات البصرية المشهورة التي تتميز بها، وراحت تطلق كلمات المحبة والترابط العربي بين الشعوب العربية، مؤكدة أهميتها في نجاح خليجي 25، الذي فقدناه منذ سنوات طويلة، لتعد لهم أشهى الأكلات وأطيبها على بساط الحب والكرم.
الاعلامي والناقد البصري تيسير المنهل قال لـ”الصباح” إن “هذه البطولة تحظى بجماهيرية كبيرة لدى شعوب الخليج العربي، وإقامتها في البصرة أسهمت في انشاء تقارب روحي بين العراق ودول الخليج العربي، وأعادت هذا البلد الى سالف عهده بعد ماض عسير، فهذه البطولة لم تكن حدثاً رياضيا فحسب، بل كانت نقطة تحول ما بين الرفض والقبول، وربيع العلاقات الجماهيرية لبلدان الخليج العربي ازاء الشعب العراقي، فشوارع البصرة روت حكاية شعب ينشد السلام والحب لأشقائه وأبناء عمومته في دول الخليج، فرحب بقدومهم كل العراق والبصرة ونخيلها والسياب كان في طليعة الترحاب، وتغنت بهم حناء الفاو وشط العرب، بذلك تعززت هوية العراق الخليجية، واستطاع الشعب أن يرسم خارطة جديدة اقليمية، يكون فيها العراق بيئة جاذبة لنوع آخر من السياحة.
الوطن وحده حاضر
واستطرد المنهل :”الرائع في الملعبين هو الوفاء للوطن ورفع راية الله اكبر فوق روؤس المشجعين، وحرص أمن الملاعب على عدم دخول أي صورة لشخصية سياسية أو دينية أو لمسؤول معين لأحد الاحزاب، فقط العراق وحده كان حاضراً بكل قومياته تحت مسمى “الحب والسلام”.
الزميل الصحفي نبيل الزبيدي تحدث عما شاهده في شوارع البصرة خلال أيام البطولة فقال “إن المدينة تزينت بأبهى وأروع عبارات الترحيب بالوافدين من دول الجوار، ومن جميع أنحاء العراق، وانبرى الشباب المتطوع إلى مبادرات رائعة، منها ادبية وفنية وأخرى خدمية، تضمنت تنظيف الشوارع وكورنيش البصرة، فضلا عن الاحتفالات التي غصت بها مناطق الفيحاء طوال فترة إقامة الخليجي، تلك الاحتفالات التي عدّها وأقامها افراد الشعب العراقي بجميع قومياته، كانت تعبر عن الوحدة الوطنية واللحمة العراقية، فهي صورة واقعية عنوانها الوطن واطارها الحب والسلام والتآخي مع مواطني الخليج العربي، الذين أشادوا بكل ما شاهدوه في تلك المدينة من كرم وحب نال إعجابهم”.
كرم الضيافة
المواطنة البصرية المغتربة في الدنمارك ليلى الحلو قالت “تركت كل شيء لأكون حاضرة في هذا الحدث المفرح، فنحن في الغربة أجسادنا هناك، لكن قلوبنا وعقولنا وأرواحنا في العراق، وبما أن المواطن البصري معروف بطيبته وكرمه ووطنيته، قررت أن أكون موجودة في البصرة خلال ايام خليجي 25 من أجل أن يكون بيتي مفتوحا لكل زائر قادم من الخليج أو من المحافظات العراقية”.
زميلة ليلى اليمانية الأصل عقيلة همدان تداخلت الحديث وأيدت ما قالته الحلو عن كرم ضيافة أهل البصرة، واضافت إليه بأن سكان مدينة بغداد وصفتهم بأهل الطيبة والكرم، حيث أوضحت بالقول:” بعد أن حضرت افتتاح البطولة والمباراة بين العراق واليمن، ورأيت كرم الضيافة البصرية وروح المواطن البصري، لم أستطع مغادرة العراق، من دون أن أزور بغداد، التي غمرتني هي الأخرى بكرمها وحب أهلها لدول الخليج والخلايجة، أقول هذا الكلام وعيناي تدمع لحزني على فراق هذا المواطن وتلك المدينة، فلم أرَ شعباً بحياتي يصر على أن يستضيفني أين ما كنت، ما عشته في العراق اذهلني وآسر قلبي، فهذا المواطن عبقري استطاع بعفويته أن يأسر قلوب كل الخلايجه وليس أنا فقط “.
فراق الخليج للبصرة
ومن سلطنة عمان عبد الله القاسم الذي تحدث عبر لقاء مصور على “التيك توك” قال فيه “كنا نسمع عبر الإعلام عن العراق الكثير من الأشياء السيئة، فالإعلام أخطأ بحق هذا البلد العظيم، حتى والداي حذراني من ألا أحضر لتشجيع المنتخب، لكن عندما دخلنا البصرة أقسم برب العالمين إني ما رأيت أطيب من الشعب العراقي، وكيف لا وأنا أتحدث عن الفيحاء أم الخير والكرم، ويضيف؛ لأول مرة لم أحزن على خسارة منتخبنا العماني، بقدر حزني على فراق البصرة وأهلها”.
وعبر منصات التواصل الاجتماعي كانت هناك الكثير من اللقطات الحزينة لفرق غادرت البطولة بعد الخسارة، منها اليمن وأظهرت مشاهد لدموع أفراد الفريق اليماني، وهم يودعون البصرة واهلها لا الخليجي، بينما ظهرت لقاءات ولقطات تبين سعادة الزوار الخلايجة بوجودهم في العراق، كما عبر الشعب العراقي عن سعادته بوجود المواطن الخليجي وبإقامة بطولة خليجي 25 في البصرة، وقد عدّها الكثيرون على أنها عرس عراقي وطني خليجي، فكان من المشجعين رجل عراقي كفيف يدعى عصمت يحرص على أن يحضر جميع مباريات البطولة، بالرغم من أنه لا يرى بعينيه، إلا أنه يحضر بحماسة ويسمع وينظر بإذنه، حتى لو لم يكن هنالك من يروي له ما يدور في الملعب، فقط حبه للوطن من جعله متواجداً في الملعب، بينما تحدث مواطن كويتي مطولا عن حسن الضيافة وكرم أهل الفيحاء، وآخر إماراتي كان يدعو أهل الإمارات لزيارة البصرة وبغداد وقال “حبيناكم وحبينا ديرتكم”.
وبعد صور التلاحم والحب التي قدمها الشعب العراقي من شماله الى جنوبه في خليجي 25، عاكسا الوجه الحقيقي للعراق نصب خيم الاعراس والافراح واليالي الملاح في كل مدنه العريقة المتعطشة للفرح بعد فوز منتخبنا الوطني على نظيره العماني بكأس الخليج، الذي قال عنه العرب والعراقيون إنه كأس التواصل والمحبة وجسر العبور من دول الخليج الى العراق.