بغداد: هدى العزاوي
أبدى برلمانيون سابقون وحاليون في لجنتي المالية والنزاهة النيابيتين، دعمهم وتأييدهم لدعوة هيئة النزاهة الاتحادية للحكومة بإعادة النظر بالإعفاءات الجمركية والضريبية في قوانين الاستثمار، مبينين أنّ كثيراً من التجار الجشعين والطارئين على الحياة الاقتصادية والتجارية استغلوا إجازات الاستثمار وإعفاءاتها باستيراد مواد وبضائع خارج نطاق التخصص، وأنّ تلك الإعفاءات حرمت خزينة الدولة من مبالغ طائلة يمكن أن تُسهم بتنويع إيرادات الدولة وعدم حصرها بسلعة "النفط" ذات السعر المتقلّب.
وبيّن مقرر اللجنة المالية النيابية للدورة الرابعة، الدكتور أحمد الصفار، في حديث لـ"الصباح": أنّ "دعوة هيئة النزاهة لإعادة النظر بالإعفاءات الجمركية والضريبية في قوانين الاستثمار جميعها صحيحة"، موضحاً أنَّ "أغلب قوانين الاستثمار قديمة تعود إلى حقب الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، وتحتوي على عدد كبير من الإعفاءات التي تُفرِغ القانون من معناه الحقيقي في تحقيق الأهداف التي وضع من أجلها" .
ونوّه بأنَّ "عملية الأتمتة ضرورية جداً، وهناك مادة في قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2021 تُلزم وزارة المالية بتطبيق الأتمتة في جميع مفاصل الجهاز والنظام المالي، خاصة الضرائب الجمركية المفروضة على الشركات وغيرها" .
وأكد أنَّ "عملية تفعيل استحصال الإيرادات غير النفطية خاصة الإيرادات الضريبية مهمة جداً، لأنَّ بقاء الاقتصاد العراقي (أحادي الجانب) ومصدره الوحيد الإيرادات النفطية يجعله في موقع خطر على اعتبار أنَّ السلع النفطية من السلع غير المستقرة وتعتمد على عمليات العرض والطلب وعلى الأحداث الدولية" .
وأوضح أنَّ "السوق النفطية غالباً ما تتعرض إلى صدمات مما يؤدي إلى انخفاض في أسعار النفط، ما يسبب أزمة للاقتصاد العراقي، وبالتالي تلجأ الحكومة إلى الاقتراض من الاحتياطي النقدي المركزي، فضلاً عن الاعتماد الكلي على الاستيراد الخارجي بسبب عدم استخدام الإيرادات النفطية وغير النفطية في تفعيل وتنشيط الاقتصاد العراقي" .
ودعا الصفار، إلى ضرورة "تفعيل القطاعات الرئيسة الحقيقية مثل الزراعة والصناعة والنقل والمواصلات وغيرها، حتى تتمكن الحكومة من تحقيق الإيرادات في هذه القطاعات التي تُسهم مع الإيرادات النفطية في تنمية الاقتصاد العراقي" .
وكانت هيئة النزاهة الاتحاديَّة، دعت في تقرير نشر على موقعها الإلكتروني، إلى إعادة النظر في قوانين الاستثمار التي منحت إعفاءات جمرگيَّة وضريبيَّة لعدَّة سنوات؛ واستغلال ذلك من قبل بعض التجار لاستيراد موادّ معفاة وتسريبها إلى الأسواق المحليَّة.
واقترح التقرير تقليص الإعفاءات وحصرها بالقطاع الحكوميّ، مع منح إعفاءاتٍ مُحدَّدةٍ للقطاع الخاصِّ لإدخال خطوطٍ إنتاجيَّةٍ وموادّ أوليَّة ونصف مُصنَّعة، مُشيرةً إلى أنَّ تعدُّد قوانين الإعفاءات التي تصل إلى (10) سنواتٍ للمُستثمرين والصناعيّين والمُستوردين، والتي بلغت نسبتها للأعوام (2019-2021) على التوالي ( 16بالمئة , 12 بالمئة, 20 بالمئة)، حرم خزينة الدولة من مبالغ كبيرةٍ.
وأوصى التقرير بتأليف لجان في وزارة الصناعة؛ لتدقيق كتب الإخراج الجمرگيّ التي تمَّ بموجبها منح الإعفاء للمشاريع، كما أشارت إلى ضرورة تفعيل الحوكمة الإلكترونيَّة وتوسيع المنصَّة الإلكترونيَّة بين "المُديريَّة العامَّة للتنمية الصناعيَّة وهيئات الجمارك والمنافذ والضرائب ودوائر كتاب العدول".
إلى ذلك، أشار عضو لجنة النزاهة النيابية، النائب أحمد طه الربيعي، في حديث خاص لـ"الصباح"، إلى "ضرورة مراجعة الدولة والمؤسسات الحكومية ومجلس النواب كل ما يتعلق بقوانين الاستثمار والإعفاءات الجمركية والضريبية الممنوحة للشركات الاستثمارية" .
وبين أنَّ "أغلب الفرص والمشاريع الاستثمارية الحالية لم تجلب أي فائدة تذكر لا للدولة ولا للمواطنين، في وقت تشيد فيه تلك المشاريع على أراضٍ تابعة للدولة بالغالب ويتلقى أصحابها قروضاً ميسَّرة من المصارف الحكومية فضلاً عن الاستفادة من الإعفاءات الضريبية والجمركية"، معرباً عن تأييده لمطالب هيئة النزاهة بمراجعة جميع القوانين الخاصة بالإعفاءات والامتيازات المقدمة للمستثمرين، وأوضح أن "كثيراً من المشاريع وهمية ويجري تأسيسها لغرض التهرُّب الضريبي وإدخال كثير من المواد والبضائع خارج نطاق الإجازة" .
ودعا الربيعي، إلى "وضع شروط قانونية من شأنها إلزام المستثمر بتقديم نسب المنجز من المشروع ومن ثم استحصال الامتيازات لضمان الابتعاد عن المشاريع الوهمية" .
تحرير: محمد الأنصاري