خمسُ قصائدَ يائسة 

ثقافة 2023/02/09
...

 طالب عبد العزيز 


 1

أنتَ يا صموئيل بيكت، أيّها الايرلنديُّ العَجوزُ 

 يا منْ لم يأتِك غودو بشيءٍ..

مثلُك أنا، لمْ ألتقِ أحداً في مفازةِ الرَّمل 

في البريَّة التي لا تُطوى بأعنَّةِ الخيلِ

ولا تقْصرُ بالعِناق ..


توارى نصفُها، وعلِقَ نصفُها الآخرُ بالضوء

الأنثى التي تسبقني الى الليل 

لا تنفجرُ أدمعُها بقبلةٍ واحدة .. 

ولا تموتُ إلا لتحلُم 

أعدكِ، بألَّا أذهبَ بعربتي بعيداً    

خذي المُلاءةَ والسريرَ وطائرَ الكناري  

وصنبورَ الماءِ المكسور ..

خذي انطفاءةَ النحاسِ في هدأةِ النافذة

وقيامةَ الفجر إنْ أردتِ 

لنْ تُغضِبكَ فيروزُ بأُغنيتها الأخيرة 

كلّنا يعرفُ أنَّكِ نائمةٌ، وأنَّ الوقتَ آنَ لاحلامك 

سأحْظُرُ على الصقورِ مرورَها من هناك.


3

كنتُ سأتأخّرُ في الزيتِ، كانَ الزجاجُ واحداً  

الغرانيقُ أيضاً.. قالت الضوءَ  

وابتعدتْ في الكلام .. 

أردتُ أنْ أتقدَّمَ في سِراج ..

أنْ أحرِّقَ الصَّمتَ بقضيبِ الانتظار  

وأريكِ النُّدوبَ التي تحدُثُ بالغياب.


4

كنتُ سأدنوَ من القطيفةِ أكثرَ 

أعيدُ ترتيبَ الدِّفءِ في تقويمِ الليل 

 لكنَّ صوتكَ تسرَّبَ في الحرير. 

وكنتُ سأتجرَّعُ كأسَ سُقراطِ الأخيرة

لو أنَّ عينيْ لم تقع على التواءَة الشمع بنهدك 

إنْ طالَ وقوفي ما كنتُ نهراً بأبي الخصيب 

وإنْ أوتِ العصافيرُ ناحيتي ما أنا بحقلِ قمح 

في الباحة الضيّقة تلك..

لو لم تخطفي بتنورتِك القصيرة 

لظلَّ الفجرُ نائماً الى اليوم 

كنتُ سأتركُ الشجنَ على وجهي طويلاً 

أجوبُ أبوابَ العِطرِ السبعة

أفادي غضبَك بالطلعِ والسعفِ والجلنار 

أعرض على السابلة والمتبضعين 

أشرعتي التي أكلتِ الريحُ آمادها .

             

   5 

لا تحملّني بقاربِك 

ماءُ واحدٌ لا يؤتمنُ لعبورِ الليل 

وخلاصةُ الغَرقِ مجذافٌ أعمى 

لذا خذني الى الصحراء، التي في الصورةِ، خلفَك 

نرمِّمُ برملتها رحلتنا الناقصة ..

وفي أقصى الأخيلة .. هناك   

حين تكونُ بلا تذكرةٍ   

الريحُ المجنونةُ تقترحُ قطاراً لعودتِك 

ستبحثُ في وجهيَ عن امرأةٍ لا تعرفُها 

إذ، كلُّ خارجةٍ إلى الرَّملِ حبيبةٌ

وكلُّ داخلةٍ في النَّهارِ أنثى . 

في الظلام، وهو يرين، يائساً 

ستثغو خرافُ روحك 

عشبٌ كثيرٌ سينمو تحت عينيك  

فلا ترسم قلادةً على عنقي

ولا قرصَ شمس..  

لطالما كرِهتُ ما يستديرُ وينغلقُ 

لكنَّ الفجيعةَ، كلَّ الفجيعةِ 

 أنْ ينضبَ بين يديكَ

 عناقُ من تشاطِره الرَّملَ والمسافات.