ريتا مايكوفا.. سرياليَّة السكون التأمُّلي

ثقافة 2023/02/23
...

 ميرا يوسف


دائما ما تستوقفنا العديد من الأعمال الفنيَّة والرسومات السرياليَّة التي قد تبدو للوهلة الأولى وكأنَّها حالمة ومفهومة، لكن عند التركيز في ثيماتها وأشكالها تتحول إلى تفاصيل مخيفة وربما غامضة تثير التوجّس. 

تدفعني هذه البداية إلى الاستعانة بأعمال الفنانة التشكيليّة المعاصرة ريتا مايكوفا التي أجدها من الأمثلة الواضحة لسريالية الفولكلور الثقافي الظاهر عبر لغة مرئية تبدو أحياناً قاسية. 

أفترض أيضاً أن فهم ممارساتها الفنيّة يدخل مايكوفا في مكان يمكنني وصفه بـ «السكون التأمّلي»، ويربطها كليّاً بتلك اللحظات العامرة باليقظة، وبطريقة اختيارها للأفكار، والألوان.. وكذلك بأشكال متناقضة تتبناها عن تجربة غاية في الوصول إلى ما يقنع المشاهد.

تواجه مايكوفا عبر أعمالها ذلك التجاور بين هويتها كامرأة ورسامة، ودوماً ما تحاول عبر لوحاتها الغزيرة البحث عن حوار يربط المرأة بالكون الواسع من حولها، إنّه صراع الوجود.. حيث تمتزج خطوطها وألوانها بين الوعي واللا وعي لتأتي النتيجة بعد ذلك بلوحات تُشغل الخيال وتثيره.

عندما تنجح الفنانة في تقديم سريالية متخمة بطاقة أنثويّة، ومشبّعة بألوان صاخبة وحيويّة، حتماً سيشعر المتلقي بالذهول تجاه لوحاتها، وبتلك العلاقة الحميمة بين أشكال تشبه كائنات يصعب تحديدها، خاصة في المناظر الطبيعيّة. 

لقد قدمت مايكوفا عبر لوحاتها مبادئ السريالية كتحدٍّ مثير عبر مناظر مشتقة من عالم مادي حقيقي باستخدام مجموعة متنوعة من الأفكار الغامضة التي تعمل على إبعاد المشاهد أو المتلقي عن افتراضاته المتوقعة تجاه المحتوى، وهو ما يلاحظ في بعض من لوحاتها التي تقترب من أفكار الفنان سلفادور دالي حيث الهوس والصدمة والقلق والاغتراب والإثارة الجنسية والموت وغير ذلك.

قد تمثل أعمال ريتا مايكوفا مواقفها المتضاربة تجاه الكثير من المفاهيم المجتمعية التي غالباً ما يتم تجسيد النساء فيها بشكل سريالي على أنهن «أخريات» أو «مخلوقات أسطورية» في عالم يزخر بالتناقضات، ولكن ما يحدث أن هذه الرسومات تدفعنا في كثير منها إلى تبني الفلسفة الوجودية التي تهدف إلى «استكشاف دور الإدراك الحسي، ولا سيما الرؤية في التفكير».