{RRR}.. حاز إعجاب الجمهور الغربي وترشَّحَ للأوسكار

ثقافة 2023/02/27
...


 سوربي غوبتا 

 ترجمة: مي اسماعيل 



أدهشت شهرة فيلم "RRR" في الولايات المتحدة، الناطق بلغة التيلجو (لغة درافيدية يتحدث بها شعب التيلجو، في ولايتي أندرا براديش وتيلانجانا الهنديتين. المترجمة)
الناس في الهند

 لم يكن بالإمكان احصاء عدد المرات التي شهد فيها مسرح متحف الفن الحديث بنيويورك عاصفة من التصفيق للفيلم، ولا شهقات الدهشة من الجمهور أثناء العرض. قالت احدى المشاهدات الأميركيات: "الافلام التي رأيتها مؤخرا مظلمة وخشنة؛ وهذا يبدو كنسمة من الهواء النقي". وقالت اخرى: "لا أعتقد أنني استمتعت بهذا الكم من الدماء والعنف في حياتي". وهذه هي المفارقة.. يقدم الفيلم دراما ملحمية تحفل بمشاهد ضخمة لشخصيات أكبر من الحياة، ذات قدرات خارقة قادرة على القيام بتسلسل الأكشن، مدعومة بموسيقى جذلة استحوذت على انتباه رواد السينما حول العالم. ولذا عرضه متحف الفن الحديث، جزءًا من سلسلة "المتنافسين" تحت عنوان: "فيلم الأبطال الخارقين العالمي لهذا العام".

الفيلم من إخراج "س. س. راجامولي" أحد أكبر صانعي الأفلام في الهند، ومن بطولة النجوم "رام شارا" و "ان تي راما راو جونيور" تدور أحداثه خلال عشرينات القرن الماضي، ويحكي قصة صداقة خيالية بين شخصيتين حقيقيتين من مقاتلي الحرية: "كومارام بيهيم" و"ألوري سيتاراما راجو"؛ من قادة الكفاح للاستقلال من الحكم البريطاني. يجمع الحب الأخوي بين الشخصيتين وتفرقهما الولاءات السريَّة؛ ليلتقيا في دلهي لإنقاذ فتاة شابة أخذها البريطانيون بالقوة من قريتها. لم يلتقِ المقاتلان شخصيا أبدا في الحقيقة؛ لكن الفيلم رسم رواية خيالية للصداقة. 


إنهض.. إزأر.. ثُر

دخل الفيلم قائمة أفضل الافلام في عدد من المطبوعات الاميركية، وفاز ببضعة جوائز منها "الغولدن غلوب" و"اختيار النقاد". ونال المخرج استقبال النجوم اثناء العروض في لوس انجلوس والبرامج الحوارية، وفاز بجائزة "جماعة نقاد فيلم نيويورك"، والتقط صورا مع كبار صنّاع السينما من أمثال "ستيفن سبيلبيرغ" و"جيمس كاميرون". كما اختار "المجلس الوطني لمراجعة الأفلام" "RRR" (ومعنى اسمه: انهض، إزأر، وثُر) واحدا من أفضل عشرة أفلام لعام 2022، ودخل لائحة جوائز البافتا وفازت أغنية الفيلم" ارقص ارقص"، التي أداها "م. م. كيرافاني" بجائزة الغولدن غلوب؛ متفوقة على أغنيات ايقونات الغناء الأميركي "تايلور سويفت" و"ريانا" و"ليدي غاغا"، كما جرى ترشيحها لجائزة أوسكار أفضل اغنية. 

احتفل الشعب الهندي بكل هذا التكريم، بقدر ما دُهِش منه، بينما تساءل أحدهم: "هل يعرفون ان الفيلم ناطق بلغة التيلجو؟"؛ التي اعتبرها "شاندرابابو نايدو" رئيس وزراء ولاية أندرا براديش السابق.."لغة القوة الناعمة الهندية". كان "RRR" الفيلم الهندي الأغلى انتاجا، بميزانية بلغت 72 مليون دولار؛ لكنه حصد 175 مليون دولار عالميا حتى الآن، ليكون ثالث أعلى إيراد لفيلم هندي.

لكي يفهم سبب إعجاب الجمهور الأميركي بالفيلم؛ استضاف "هيمانث كومار" الناقد والمنتج سينمائي من التيلجو (ومقره حيدر أباد) نقاشا على تويتر. وعنه قال: "من اولى ملاحظات الناس انه رغم كون الفيلم يتحدث عن الثوار؛ لكنه فيلم حيوي نابض. والشخصيات ليست متشائمة أو تشعر بالمرارة من الحياة، كما هو حال العديد من شخصيات أفلام "D.C. " أو مارفل. يحتفي الفيلم بالصداقة بين البطلين، ويقفز عبر الأنماط السينمائية بسلاسة حقة؛ فهناك الحركة (آكشن) والدراما والصداقة والرومانسية؛ وكل ذلك يجري بسرعة كبيرة أصبحت ضربا من التجربة الجديدة للعديد من غير الهنود". كما كان لعرضه بعد الجائحة دور في ذلك؛ إذ يرغب الناس بالاستمتاع بمشاهدة السينما.

 

تخطي الحواجز الثقافيَّة

أشار المخرج راجامولي ان فيلمه ليس فيلما من بوليوود؛ بل فيلم تيلجو؛ ويردد النقاد الهنود انه فيلم مصنوع بإحساس التيلجو؛ ليتوجه اساسا لذلك الجمهور؛ فالمخرج يعرف نبضهم حقا وينطلق من هناك؛ ثم يبدأ بعد ذلك في عبور الحدود والوصول إلى أشخاص آخرين". هنا انماط تشكل صفات لفيلم التيلجو؛ فبادئ ذي بدء هناك الأبطال بالغو الرجولة، الذين لا يوجد شيء لا يستطيعون القيام به؛ وهو أمر مألوف في فيلم التيلجو وليس مجرد خيال. يمكن للبطل أن يضرب عشرة أشخاص في وقت واحد. وثانيا- هناك فكرة العائلة ومدى ارتباطها بالبطل. أما البطلة فهي امرأة مثالية تقف دائما بجانب البطل وقوته الأخلاقية، الفيلم من بطولة ممثلة بوليوود "عاليا بهات"، في دور سيتا، خطيبة راجو.  

في عدة مقابلات صحفية قال راجامولي انه قدّم الفيلم متوجها للجمهور الهندي؛ لكن اهتمام الجمهور الأميركي والنقاد وهيئات السينما (متمثلا بعدد مبيعات التذاكر وتكرار العروض) كشف حقيقة أن الفيلم بات أكبر بكثير مما توقعه. عن هذا يقول المخرج: "ما أدركته ان الناس تحب مشاهدة شخصيات تقوم بأشياء غير عادية. في الافلام الاميركية تقوم الشخصيات الخارقة بأفعال خارقة للمألوف؛ لكن التصور الذي حصلت عليه هو أن الجماهير تحب حقا رؤية الأشخاص العاديين يقومون بأشياء غير عادية". يرى النقاد انه لطالما كان لسينما التيلجو ميل قوي نحو الأساطير والخيال؛ وهذا ما تعرف عليه راجامولي وأدركه وأخذه إلى مداه الأقصى.

 تخطت سينما راجامولي قبل بضعة سنوات حواجز اللغة والثقافة في الهند، ورسخت المخرج واحدا من الاكثر تأثيرا في تاريخ السينما الهندية. واليوم تخطى الحدود العالمية وأصبح ظاهرة ثقافية؛ مقدما للسينما الهندية واحدة من أكبر مناسباتها الاحتفالية.

عن مجلة "نيو لاينز سينما"