فن إدارة المهرجان

ثقافة 2023/03/01
...

سامر المشعل 



من المآخذ التي تسجل على المهرجانات التي تقام في العراق، أنها في الغالب تفتقر إلى التنظيم المتقن، وعادةً ما يقع القائمون على المهرجان باحراجات ومشكلات تحصل أثناء/ المهرجان يصعب تداركها، ما يؤدي إلى اختلالات تضر بسمعة المهرجان وتثير لغط الجمهور والفنانين.

ربما يغيب عن أذهان المسؤولين، فن إدارة المهرجان، والذي يحتاج إلى الخبرة والدراية في تفاصيل وجزئيات المهرجان، ويتم الإعداد والتحضير له ضمن منهاج واضح ثم يدخل في إطار التنفيذ على الواقع بنسبة نجاح مضمونة.

لا يكفي أن يكون لديك الدعم المالي الكافي أو الرعاية من جهات وشركات داعمة للمهرجان، كي يكون ناجحا، ومن الخطأ الاتكال على موظفي الوزارة أو الدائرة للقيام بكل تفاصيل ومفردات المهرجان، اذا لم يكن لهم الخبرة في هذا المجال، ليظهر بالشكل اللائق.

وما حدث في الحفل الذي دعا اليه رئيس مجلس الوزراء، للاحتفاء بالمنتخب الوطني العراقي الفائز ببطولة خليجي 25 في ساحة الاحتفالات أنموذج لغياب التنظيم الصحيح، إذ سادت فوضى في المكان ولم يكن برنامجا مدروسا بحيث تأخّر وفد المنتخب عن الوصول بالموعد المحدد لأكثر من أربع ساعات، وعدم اختيار المغني المناسب، وشهد عدم التنسيق في دخول اللاعبين والوفد المرافق له، وعدم وجود المذيع الذي يمسك بمفردات الحفل، وعدم تنظيم الجمهور، لذلك ظهر بطريقة عشوائية وفشل لأن يظهر بالصورة المطلوبة.  

هناك دول تقيم مهرجانات سنويّة في مجال السينما والمسرح والغناء والاذاعة والتلفزيون،  منذ سنوات طويلة، وبعض هذه المهرجانات تواصل عروضها منذ 40 أو 50 سنة، حتى اصبحت لها تقاليد فنية راسخة، واضحت علامات دالة لبلدانها، يؤمها كبار الفنانين والاعلاميين والمتابعين وتستقطب جميع وسائل الإعلام.

وهناك مهرجانات في أوروبا وأميركا ينتظرها المتابعون والسياح كل سنة من مختلف بلدان العالم، وتتحول المدينة التي يقام فيها المهرجان إلى كرنفال يشارك فيه الكثير من فئات المجتمع.

وعلى الصعيد العربي فقد دأبت مصر على تنظيم عشرات المهرجانات الفنيّة على مدار السنة ومنها مهرجان الاسكندرية ومهرجان القاهرة ومهرجان الموسيقى العربية،  وغيرها، وأيضا عرفت تونس بتنظيم المهرجانات بمختلف الحقول الفنية والثقافية والأدبية وهناك أكثر من 200 مهرجان يقام فيها سنويَّاً.

وفي الآونة الأخيرة أخذت دول الخليج العربي تحذو حذو مصر وتونس في إقامة المهرجانات الفنيّة وبتنظيم عالٍ ومبهر مثل السعودية والامارات وقطر، وعادةً ما تستعين هذه البلدان بشركات عالمية وخبرات وشخصيات معروفة في مجال إدارة وتنظيم المهرجانات.

فلم تعد المهرجانات تقف على مستوى العروض الفنية وتنظيمها، أنما تأخذ بالحسبان المردود الإعلامي الذي يسلط الضوء على البلد المنظم، وله أنعكاساته على الجانب السياحي والثقافي ومن شأنه تحريك عجلة الاقتصاد والترويج لثقافة ذلك البلد والتعريف بثقافته وحضارته، ما يشجع السياح إلى زيارة البلد والاستمتاع بطبيعته والتزود من ثقافته.

لذا علينا أن نعرف ونفهم أن عملية إدارة المهرجان وتنظيمه تحتاج إلى فن وخبرة مكتسبين في هذا المجال من شأنهما أن يسهما في نجاح المهرجان أو إفشاله.