أصحاب الواحدة

الرياضة 2023/03/05
...

كاظم الطائي 



يجود تاريخ الأدب العربي بنماذج رائعة من أصحاب الأعمال الخالدة التي منحتهم الريادة والتميز والإبهار عبر قصيدة واحدة أو نتاج واحد بقي شاهداً على تواصله في ذاكرة الناس وأهل الصنعة على مدى أجيال واأجيال 

قصيدة أنا وليلى التي غنّاها الفنان كاظم الساهر هي واحدة من تلك الأمثلة التي أرَّخت لاسم شاعرها المُقِل حسن المرواني لتضاف إلى قائمة من أصحاب الواحدة في تاريخ الأدب العربي بينهم المنخل اليشكري ودوقلة المنبجي وابن زُريق البغدادي  ومالك بن الريب وغيرهم الكثير وبقيت تلك القصائد ماركة مسجلة لأسماء سحبت البساط من تحت الكثير من القصائد والأعمال التي نسجها غيرهم  وشكلت انعطافة في مسيرة هؤلاء بالرغم من انحسار نتاجهم وتعلقه بقصيدة بقيت ناطقة عنهم على امتداد التاريخ 

يبدو أن رياضتنا في العراق قد تأثرت كثيراً بسيرة أصحاب الواحدة ودخلت عنوة ديوان إرثهم وحافظت على تواجدها في رحلة الإبهار اليتيمة على خطى ابن زُريق واليشكري وابن الريب لغاية المرواني حسن ومن خلَّدته القصيدة الواحدة 

وسام أولمبي واحد ألقى أبياته في أولمبياد روما في العام 1960 شاعر الأثقال الراحل عبد الواحد عزيز وبقي وسامه العامر ناطقاً عن إبداع قلَّ نظيره بين شعراء المعلقات لغاية اليوم 

منتخبنا الكروي عشقته قصائد الواحدة فكتب لنا إنجازه الوحيد بأحرف من ذهب في العام 1986 بوصوله إلى مونديال المكسيك لأول وآخر مرة ولم يكتب بعد إطلالته الثانية منتشياً بشهد واحد لا يريد أن يذيقَ غير طعمه مجدداً. 

ودخلت كرتنا أيضاً عالم الواحدة بمشاركة منتخبنا الوطني في كأس القارات لأول وآخر مرة في العام 2009 في جنوب أفريقيا بعد فوزه ببطولة أمم آسيا التي كانت أول لقب وآخر كأس حظيت بها كرة القدم العراقية منذ تأسيس اتحاد الكرة العراقي في العام 1948 ولغاية اليوم 

اذن روما والمكسيك وجنوب أفريقيا وإندونيسيا قد شهدت تحقيق الألقاب المنفردة للعبة الشعبية الأولى  ورياضتنا عموماً ولم تتكرر بعد مع تعدد النسخ المقامة والمحاولات السابقة لإضافة الجديد .

رياضيو الواحدة بقيت أسماء مجدهم عالقة في ذاكرة الناس وسِجل الأولمبية الدولية والاتحاد العالمي والقاري مثلما حظيت أسماء شعراء الأمس بالتداول عبر الأزمان وحافظوا على تواجدهم الأخَّاذ في ذائقة المتلِّقي بالرغم من الكم الهائل من المحاولات والتجارب التي لم يكتب لها النجاح ولم تواز أعمالهم ما حصدوه من أثر لا يزول. 

وعلى خطى الواحدة ترك لنا اللاعب الراحل أحمد راضي قصيدته الواحدة في شباك الحارس البلجيكي بفاف ولم يثنِّ أحد غيره طوال تلكم السنين فأي واحدة أنشدها الكابتن راضي في ملعب المكسيك قبل 37 عاماً مؤرخاً لرحلة شاعر كروي يكتب قصائده في ملاعب المستطيل الأخضر واستذكر هنا قصيدة ابن زُريق البغدادي وهو يطلق قصيدته المأثورة 

استودع الله في بغداد لي قمراً 

بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه 

ودعته وبودي لو يودعني 

صفو الحياة وأني لا أودعه 

وكم تشبّث بي يوم الرحيل ضحى 

وأدمعي مُستهلّات وأدمعه 

لا أكذب الله ثوب الصبر منخرق

عني بفرقته لكن أرقعه

ياترى هل تكتفي رياضتنا وكرتنا بالواحدة من إنجازات أولمبية وعالمية وقارية أم أن الثانية لا تضرّ وطرق أبوابها سيخدم المسار  حتماً.