بغداد: سرور العلي
يرث بعض الأبناء مواهبَ وهوايات وحرف آبائهم أو أمهاتهم، ويعملون على تطويرها، كالشاب محمد علي، الذي ورث موهبة الرسم والخط من والده، وعن ذلك يقول:
"بدأ والدي بتعليمي منذ سن صغيرة، وأشركني بالعديد من المسابقات الفنية على مستوى محافظة بابل، وحققت المركز الأول بمسابقة الخط في مديرية شباب ورياضة بابل بعمر التسعة أعوام، ثم نلت المركز الثاني في عمر 12 سنة، وشاركت بالعديد من المعارض داخل العراق
وخارجه".
يمزج محمد الحاصل على بكالوريوس من قسم تقنيات الأشعة والسونار بين الخط العربي والرسم، ويعدُّ الأولُ في العراق بهذا الفن حسب ما يقول، إذ بدأت لوحاته بالانتشار، وقام ببيع العديد منها في الولايات المتحدة الأميركية، ودول الخليج العربي.
وتابع حديثه:
"أنجزت 12 لوحة استخدمت كأغلفة لألبوم المطرب الكويتي إبراهيم دشتي، وقامت بعض البراندات بشراء حقوق بعض لوحاتي، لطبعها على الملابس".
في حين ورثت زينب حاتم حرفة الحياكة من والدتها، فكانت تقوم بتقليد ما تنجزه من أعمال، إلى أن أصبحت تتقنها، ولفتت إلى أنها استغلت تلك الموهبة بتوفير مصدر دخل لها، برغم من أنها ما زالت طالبة جامعية بقسم الحاسبات، ومع ذلك أنشأت حساباً شخصيا خاصا بأعمالها على موقع التواصل الاجتماعي، وبدأت بعرض ملابس للأطفال، وحقائب نسائية، وأعمال من
الكروشيه.
مضيفة "في بداياتي واجهت العديد من التحديات، ومنها أن بعض سكان مدينتي لا يرغبون بمقتنيات الحياكة، لكن الآن أصبحوا يرغبون بها، ويشعرون بأنها قطع فريدة ونادرة، كما أن معظم المواد الأولية التي تدخل بعملي، يتم الطلب عليها من خارج العراق، كونها تصل بجودة عالية وألوان مختلفة، وتغلبت على كل تلك الصعوبات بوقوف أسرتي معي، لا سيما أخي الذي كان يقوم بتوصيل طلبات الزبائن، وساعدني بالمشاركة بالعديد من المعارض والبازارات".
وورث مصطفى الطائي عن والده صناعة الحلويات والمعجنات، وبعد رحلة من التعلم واتقان المهنة نجح بافتتاح مشروعه الخاص، وهو مطعم لتقديم لحم بعجين، لافتاً إلى أنه يطمح لإنشاء أفرع أخرى في محافظات العراق، لا سيما أن زوجته وأسرته تقدم له جميع الدعم، وكلمات الثناء والتشجيع.
الفنان التشكيلي عقيل خريف أوضح:
"موضوع توارث المواهب من قبل الأبناء، وتأثرهم بآبائهم هو له علاقة بالقدوة، فالابن دائماً يرى ذويه هم قادة له، وليس فقط في الأمور الأكاديمية، بل حتى في أن كان الأب يمتهن حرفة بسيطة أو تجارة، وهذا يؤكد أن الابن يرى والده قائداً له، حتى وإن كان سيئا للأسف، إذاً فهو موضوع مهم وخطر أيضاً، وأنا أتذكر أنني لم أتأثر بأسرتي من ناحية الفن، كونها لم توفر لي أدوات الرسم، وهذا لم يجعلني أن أكون رساماً بوقت مبكر، فكنت أرسم بأدوات بسيطة، في حين لو كانت لدي أسرة وأطفال فسأوفر أدوات الرسم في البيت، وهذا له علاقة بشيء مهم، وهو كيف ما تكون سيكون أولادك، ويحملون صفاتك، فإن كنت سيئا سيكونون سيئين، وإن كنت جيدا سيكونون جيدين، وإذا كنت في حقل الفن سيصبحون فنانين، على الأقل ولو واحد منهم يحمل هذه الصفات الوراثية، وإذ كنت طبيبا أو مهندسا سيكون الأمر كذلك، وعادة ما تكون هناك أسر أدبيَّة أو علمية لتوارث الأبناء المجالات نفسها".
مضيفاً "وكل ما كانت الحياة معقدة وصعبة يبدأ هذا الحبل بالانقطاع، فنرى اليوم معظم الآباء ليس لديهم اهتمامات بالفن أو الأدب أو الثقافة، وهذا سينعكس على سلوك أبنائهم الذين سيكون لديهم ضعف في الثقافة ومقوماتها، التي تساعدهم على العيش بمجتمعات أخرى".