في الطبيعة الإنسانية ثمة عيوب تحتاج إلى تقبل من قبل الآخرين على اعتبار إن الإنسان كائن غير متكامل وان الكمال لله وحده لذلك على الجميع تقبل عيوب المقابل مهما كانت والتعامل معها على أنها جزء من الذات الإنسانية ومن الواقع المعاش وبما يسهم بتقوية بناء العلاقات حتى تسير الحياة بشكل صحيح من دون مشاكل او صراعات وينسجم مع العادات والتقاليد الصحيحة والمعترف بها من المجتمع الذي نعيش فيه على مختلف الاصعدة.
الأشياء الناقصة
يقول الباحث الاجتماعي سليم مبارك :إن الإنسان اذا ما أراد التعايش مع الآخرين في المجتمع، فعليه ان يكون متوازنا في علاقاته مع الجميع انطلاقا من حقيقة رئيسة مفادها بأن الحياة مليئة بالأشياء الناقصة ولاسيما الإنسان الذي نتعايش معه في حياتنا اليومية فلابد من الاعتراف بعدم وجود الإنسان الكامل فليس هناك شخص كامل لا عيب فيه بل الإنسان في كثير من الأحيان هو من يصنع العيوب في شخصيته نتيجة الأخطاء التي يرتكبها مع الناس في محيطه .
ويضيف ان الاختلاف بين البشر موجود في جميع المجتمعات وفي جميع بلدان العالم لذلك علينا أن نتعلم كيف نقبل النقص في بعض الأمور التي من الممكن ان نصادفها في حياتنا اليومية، وأن نتقبل عيوب الآخرين من حولنا وهذا من أهم الأمور في بناء العلاقات وجعلها قوية مستديمة وغير قابلة للتفكك والانحلال وبالتالي المحافظة على العلاقات في المحيط وعدم التخلي عن جزء مهم من المجتمع الذي يعيشه الفرد والذي هو في حقيقته جزء من ذاته مثل شخص مقرب او صديق او قريب أو من أفراد أسرته أو منطقته التي تعيش فيها .
ويتابع “إن أراد الناس العيش سوية بسلام وطمأنينة فليعذر بعضهم بعضا وليتغافل كل منا ما استطاع عن الآخر ولنترفع عن جميع الأمور ويجب ان نقف وقفة مع أنفسنا وان لا نخجل من عيوبنا او بالوصف الأدق من التي اعتبرناها عيوبا وهي في الحقيقة ليست عيوبا ونتعامل معها بالتفاؤل وإذا كانت لدينا الاستطاعة على تغييرها الى الأحسن فلنجتهد ونغيرها وان اجتهدنا ولم نستطع ان نغيرها فلنتقبل الوضع ونعتبره جزءا من حياتنا وننظر له بنظرة الرضا”.
التركيز على الايجابيات
يشير الخبير بالتنمية البشرية خليل هاشم الى أنه عندما نتحدث عن الناس لا بد من التأكيد على أهمية التركيزعلى إيجابيات الآخرين وحسناتهم، وأن نشيعها بين الناس، ونتجنب الخوض في اخطائهم وزلاتهم، وعدم نشر ما قد نعلمه أو نسمعه أو نقرأه عن عورات الآخرين وعيوبهم وهفواتهم وأخطائهم، فالستر أولى وأفضل وأحسن.
ويبين أن الكثير من الأمور في حياتنا ستتغير عندما ننظر للأشياء بمنظار إيجابي، ونتجنب النظر إليها بمنظار سلبي، فالكثير من المشاكل الزوجية والأسرية وكذلك الاجتماعية والأخلاقية ناتجة من النظر إليها بنظرة سلبية، وعدم رؤية الجوانب الإيجابية منها.
موضحا أنه لنأخذ مثلا الحياة الزوجية، حيث نجد أن بعض المشاكل في الحياة الزوجية ناتجة من نظر كل طرف لشريك حياته بمنظار سلبي، فيرى نقاط الضعف لديه، والعيوب الموجودة فيه، ولكنه لا يرى الأمور الإيجابية والحسنة منه، ومع الزمن تتحول هذه النظرة السلبية إلى مشاكل مستعصية بين الزوجين، وربما يصل الأمر إلى الانفصال والطلاق. بينما لو نظر كل طرف لشريك حياته بنظرة إيجابية، وتأمل في النقاط الإيجابية الموجودة عند شريك حياته، وغض الطرف عن النقاط السلبية لأصبحت الحياة الزوجية مليئة بالسعادة والتفاؤل والأمل.
ويرى أن تتبع عيوب الآخرين وزلاتهم وأخطائهم من أقبح العيوب وأسوأ الخصال الرذيلة فهي انتقاص لكرامتهم الإنسانية وانتهاك لحقوقهم المعنوية.
لذا علينا أن ندعو دائما إلى ستر عيوب الآخرين، ونبين حرمة نشرها، وإشاعتها لما في ذلك من انتقاص لكرامتهم الإنسانية وانتهاك لحقوقهم المعنوية.
الكلام الجميل
بينما يرى ناصر كريم وهو مدرس تربية إسلامية أنه من المهم ان يكون الإنسان سائرا بطريق الحق والانتباه إلى ان الحياة تتطلب السير لذلك امدحوا حسنات بعضكم وتجاوزوا الأخطاء ،فإن الكلام الجميل مثل المفاتيح تقفل به أفواه وتفتح به قلوب, فضلا عن كون الانشغال بعيوب الناس يؤدي إلى شيوع العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع، فحين يتكلم المرء في الناس فإنهم سيتكلمون فيه، وربما تكلموا فيه بالباطل، فالذين يتتبعون المثالب والعورات، ويحبون تتبع عيوب الآخرين؛ يجب أن يعلموا أنهم واقعون في هذا الخطر العظيم.
و يضيف أنه يجب أن تقبل الناس على ما هم عليه واشتغل أنت بإصلاح نفسك وعيوبك ودع الخلق للخالق ولا يكن معك سوى النصح الجميل والكلمة الطيبة ومد يد العون لأخيك المسلم ومساعدته إن استطعت حيث إن النقد المُستمر يُميت لذة الشيء كما أن الشجرة لو تعرضت لرياح دائمة لأصبحت عارية من أوراقها وثمارها كذلك الشخص إن تعرض للنقد الجارح باستمرار يُصبح سلبيا.
مختتما قوله:” من منا ليس فيه عيوب ومن منا لا يقع في الخطأ ورسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول :كل ابن ادم خطاء وخير الخطائين التوابون.
أمر فطري
من جهته يؤكد الشيخ علي حسين الربيعي على أن الخطأ داخل النفس البشرية امر فطري وكلنا متيقنون انه لا يخلو أي ابن ادم من عيب لذلك إن التنقيب عن عيوب الناس ونشرها في المجتمع من أقبح الأعمال وأقذرها؛ فهو من المحرمات، ومن أسوأ العيوب وأشد السيئات، وأقبح الأفعال، فقد روي عن رسول الله (ص) قوله: “مَن سَتَرَ أخاهُ في فاحِشَةٍ رَآها عَلَيهِ سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدّنيا والآخِرَةِ»، وعنه (ص) قال: “مَن سَتَرَ أخاهُ المُسلِمَ فِي الدّنيا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيامَةِ “، وروي عن أمير المؤمنين (ع)أنه قال: “ لو وَجَدتُ مؤمناً على فاحِشَةٍ لَسَتَرتُهُ بثَوبِي” وكذلك قال أمير المؤمنين(ع) : “تَتَبُّعُ العُيوبِ مِن أقبَحِ العُيوبِ وشَرِّ السَّيِّئاتِ “ ، وقوله : “تَأمُّلُ العَيبِ عَيبٌ “، وليس ذلك فحسب فلقد نهت جميع مذاهب الإسلام عن تتبع عورات وعيوب وزلات المؤمنين، لما في ذلك من مساوئ كثيرة، ولأن الإسلام يحرص على سلامة المجتمع وحماية الأسرة ونشر المحبة بين المؤمنين.
وتابع أنه علينا أن نعلم جميعا أن من الخصال الأخلاقية الحميدة هو نشر إيجابيات الآخرين وحسناتهم، وغض الطرف عن سلبياتهم، والكف عن تتبع عوراتهم وزلاتهم وهفواتهم. فعلى المؤمن أن يتصف بهذه الصفة الحميدة، وأن يسلك مسلك النحل الذي لا يحط إلا على الزهور والورود العبقة الرائحة حتى يمتص منها الرحيق، بخلاف الذباب الذي لا يحط إلا على الأماكن الوسخة والقذرة.