لِمَ نخشى المعارضة ؟

آراء 2019/04/15
...

علي الهماشي
 

 الحالة الغريبة في الوضع السياسي العراقي منذ تشكيل اول حكومة بعد التغيير الكبير في 2003، أنّ كلّ الاحزاب السياسية شاركت في الحكومة وكلها تدعي المعارضة باستثناء الحزب الذي  ينتمي اليه رئيس الحكومة. 
وكل حكوماتنا كانت ائتلافية بامتياز والغرابة ان المؤتلفين في الحكومة مختلفون ايدلوجيا ومختلفون في برنامجهم السياسي ولم يقدم أيٌّ منهم برنامجا سياسيا حكوميا (مشروع حكم  للبلد) وماهو برنامجه السياسي كحزب، ومعظم الاحزاب رايتها متقلبة ذات اليمين وذات الشمال بحسب  بوصلة القوى مما جعل الجماهير تتيه في الاتجاه !!!.
وبالرغم من انقضاء اكثر من عقد ونصف على العملية السياسية لم اجد حزبا يُنظر لحالة سياسية ويبقى مستمرا عليها، طغت البرغماتية (والواقعية كما سمّاها البعض) على حركة معظم الاحزاب الاسلامية والليبرالية، وقد اختلطت علينا المفاهيم التي تبناها هذا الفريق او ذاك،  فنجد تارة الاسلامي أضحى ليبراليا في موضع وفي موضع اخر دعا الليبرالي الى الاصولية والقومية او اتجه الى الطائفية (بضغط الجماهير).
ولغياب الرؤية او الخشية من تبني رؤية حقيقية كانت العشوائية ومازالت سائدة في التنظير لشكل ونوع الحكم الذي يتبناه اي فريق من الفرق السياسية التي تواجدت على الساحة العراقية بعد التغيير في 2003، ولا أغالي ان قلت ان احزابنا وسياسيينا يسيرون وفق منهج (الجمهور عاوز كده)، ولهذا نرى غياب الرؤية فعندما تقودك الجماهير التي تتشتت مطالبها واتجهاتها يغيب العقل السياسي الراجح وتكون الحالة النفعية الانتقائية هي الحاضرة في المشهد السياسي العام. 
ولأعود الى عنواني وتساؤلي لِمَ نخشى المعارضة !!!
وهو تساؤل يشمل  كلا الجانبين، ولكنه يتجه في معظمه الى الذين لا تتوفر لديهم الفرصة لان يحوزوا على مقعد او مقعدين وزاريين او اكثر !!.
وقبل ان اوضح هذا الامر ايضا، ارى ان هناك لبسا واضحا ايضا في مفهوم المعارضة، واغلبهم يرى ان المعارضة تعني حمل السلاح ضد الحكومة وهو ما يعقّد المشهد ويخلط الاوراق لدى المتلقي او انصار هذه الاحزاب.
وبعضهم لايحبذ ان يكون معارضا لأنّه يعتقد أنّه سيغيب عن المشهد السياسي في ظل حالة مطلبيّة متزايدة من الجمهور، مما يدفعهم الى التخلي عنه، وهذا بسبب الانصياع اللامبرر للعقل الجمعي المطلبي الذي يكون انفعاليا لا يحدد او لايملك ستراتيجية، وانه يبني واقعه السياسي عشوائيا قد يضيع وسط الستراتيجيات الكبرى التي تخطط لها دول ومنظمات ومؤسسات عالمية قد نكون جزءا يخدمها دون ان نشعر بذلك !!!
ولماذا لانحبذ المعارضة لأننا نفقد مفصلا في الحكومة ممكن ان نضع فيه بصمتنا (الفرصة لمن ينتهزها) وهو مبدأ برغماتي طالما تمسك به أغلب الاحزاب العاملة في العراق.
ولم تحبذ الحكومات ان تكون هناك معارضة لانشغالها بمحاربة الارهاب الذي تعددت اشكاله. 
وعودا على العنوان لماذا نخشى أن نكون معارضين على النحو الايجابي بحيث نقف مراقبين لأي خلل في الاداء لهذا الوزير او ذاك او مراقبين للبرنامج الحكومي أين اتجاهه؟ وماذا تطبق منه؟ لتكتمل صورة العمل السياسي.
إنّ وجود معارضة قوية يعطي دافعا داخليا للمسؤول التنفيذي ان يحرص على اتقان خطواته، ويتبيّن مواضع الخلل قبل الوقوع فيها.
وقد تدفع الجماهير الى التعقّل في الاختيار ولاتنساق خلف الشعارات الآنيّة. 
فالمعارضة لاتعني الابتزاز ولاتعني المعارضة من اجل المعارضة ولاتعني شقّ الصف الوطني في القضايا المصيرية، هذا معنى المعارضة الايجابي.
نعم هي مجازفة في الواقع العراقي الراهن لكنّها ستؤسس لمنهج صحيح في العمل السياسي في العراق.