الدولفين.. يبحرُ بعد رحيل صاحبه

ثقافة 2023/05/03
...

  بغداد: الصباح


بدأ الروائي والكاتب جهاد مجيد بمراجعة وإعداد رواية (الدولفين) وهي آخر مخطوطة أنجزها الأديب الراحل عدنان منشد، وتحديدا في العام الأخيرة من حياته.. وقد بقيت مسودتها حتى قرّر صديقه ورفيق مشواره الحياتي والثقافي الطويل مجيد أن يقوم بإخراحها للنور، كما يقول عنها مسوّغا اهتمامه بها إنها: «رواية ذات موضوع متفرّد وحبكة روائية متميزة نادرة، إن لم نقل معدومة في الرواية العراقية والعربية»، ويقرنها برواية بروان شفرة دافنشي من حيث الغموض الذي يسود في مجريات أحداثها أو تشابك علاقات 

شخصياتها. 

ويبدو أن الراحل قد وظف فيها خبراته الحياتية والتقنية ودربته الفنية المدخرة منذ ابتدأ قاصاً واعدا مطلع سبعينيات القرن الماضي قبل أن يجتذبه المسرح إلى ميادينه نقداً واخراجا وتأليفا، ثمّ بعد ذلك انغماسه في العمل في الصحافة الثقافية.

 وتتعدّد مستويات وأساليب السرد في الرواية، كذلك أنواع سُرّادها مطوعاً السرد بشقيه الواقعي وغير الواقعي في المتن الفني المنسوج بحرفيّة عالية وتقنيات محبوكة حديثة. 

وتجسّد الرواية رؤيا فكرية منفتحة، مجايلة لما آل إليه المجتمع العراقي منذ سبعينيات القرن العشرين، وحتى مرحلة غرقه في دموية الإرهاب والقتل المجاني وفوضوية التلاعب بمصائر البشر وأعراضهم ومقدراتهم الأخرى.

ورسم الروائي الراحل شخصيات روايته بدقّة متناهية، وحدّد مشاهدها البيئية والرقعة الجغرافية التي تتحرك فيها مفردات السرد وعناصره بلغة دالة على الخبرة والمهارة، فضلا عن التعمّق  في وصف معطيات المكان والزمان.

والرواية هي الأولى والأخيرة للراحل، ولكن كأنها ليست الرواية الأولى، إذ إنها قد تجاوزت مفازات البدايات ممّا يمكننا القول إننا خسرناه روائيا مهما بانصرافه إلى جوانب ثقافية أخرى، وهي حالة حصلت للكثيرين ممن غيروا اتجاه ملكاتهم الإبداعية الأولى اختياراً أو اضطراراً ولأسباب شتى. 

ومن المؤمل أن تصدر الرواية ضمن منشورات الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق.