{حكايات عراقيَّة} بريشة الفنان ناجي حسين

ثقافة 2023/05/08
...

 علي إبراهـيم الدليمي


التمست من الفنان فيصل لعيبي، أن يكتب كلمة عن زميل دراسته في معهد وكلية الفنون الجميلة الفنان ناجي حسين، لضمها في فولدره لمناسبة إقامة معرضه المقبل، فكانت إجابته أسرع من المتوقع، فقد كتب ما يلي: "تربطني بالفنان والصديق العزيز المبدع ناجي حسين علاقة متينة تمتد من عام 1964 حتى يوم الناس هذا، دخلنا معهد الفنون الجميلة معاً وعشنا في قسم داخلي واحد وتخرجنا معاً ثم استأنفنا الدراسة مباشرة بعد التخرج في أكاديمية الفنون الجميلة وتخرجنا السنة عام 1971 نفسها، ومن مرسم الكبير فائق حسن إلى الحياة مباشرة. كان فائق قد أودع فينا أسرار الرسم والفن التي سحرتنا وجعلتنا مبهورين بذاك العالم 

العجيب.

خلال تلك السنوات وما تلاها حتى عام 1974، عام سفري إلى باريس، لم نفترق يوماً وكنا نمارس حياتنا بكل بساطة وجدية. نرسم ونتحدث عن الفن والفنانين الذين ننجذب إليهم وقضايا الفن الكثيرة التي تشغل بال الفنان الحريص على التعلّم وزيادة 

معارفه. 

تميز الصديق ناجي بولع خاص باللون وكان هذا الولع ينسيه أحيانا بعض التفاصيل، فيعوض عنها بضربات فرشاته التي لا تهدأ. إنّه يستعيض عنها ببقعة لونيَّة قد يراها البعض غير ضرورية ولكنها عند ناجي واحدة من تلك التي تراوده وتفرض نفسها عليه، لم لا؟ وقد تخرج من مرسم الملون الأول 

في الفن العراقي المعاصر. 

تنتمي موضوعات ناجي إلى عالمه الذي ترعرع فيه وشيء من عالم تلك المدينة الخصبة العمارة التي تضج بالجنان والعطاء. 

وقد تفتحت عينيه على أعمال شقيقه الأكبر الفنان محمود حسين الهادئ الذي إذا ما كلمك لا تسمع كلامه إلا بصعوبة. ومن تلك الأماكن استمدَّ رسومه: السوق، أصحاب المهن، المرأة، الطيور والأطفال والأعياد وعالم الريف الغني والصاخب بالألوان النديَّة. 

لون ناجي لون نضر وغزير ومفعم بالحيويَّة والحركة والإشعاع. يكاد ينعكس على وجوه النظارة والمشاهدين مثل مصابيح ملونة تضيء دواخلهم".

وناجي حسين، زميل متواصل للجيل الذهبي ما بعد الرواد، الذي يضم كل من الرموز: فيصل لعيبي، وصلاح جياد، ووليد شيت، وآخرين.. منذ أن بدأ خطواته الراسخة تسير في عالم الرسم، حتى هذه اللحظة، فالرسم يظل هاجسه، الظاهر والباطن، في كل لحظة يعيشها، هو من جيل لا يكل ولا يمل من التعمّق والبحث ليخرج لنا ببصريات لونيَّة من عمق تراثنا وفلكلورنا وجغرافيتنا الزاخرة بكل صور الإنسانيَّة والجماليَّة 

التي لا.. ولن تنضب أبداً.

كان معلمه الأول والمؤثر في حياته الثقافيَّة والعامة هو أخوه الكبير محمود حسين، خريج معهد الفنون الجميلة/ 1954، الذي وفر له كل مستلزمات النجاح والرعاية الخاصة، من مكتبة ثريَّة بالمصادر والمراجع الفنية العربية والعالمية، إلى أدوات ومواد الرسم، إذ أقام معرضاً خاصاً لرسوماته وهو في مرحلة الدراسة المتوسطة. فضلاً عن منحه جائزة الزعيم عبد الكريم قاسم عن أفضل عمل زيت على 

خشب/ 1959.

بعد تخرجه في كل من معهد، وأكاديمية الفنون الجميلة، حاول أن يسير في طريق أستاذه فائق حسن، في دراسته خارج العراق، وفعلاً قبل في الدراسة في معهد البوز آرت الفرنسي عام 1974، لكن لعدم منح العراقيين هناك بطاقة العمل بسبب قرار تأميم النفط، حرم من الاستمرار بالدراسة، ليعود إلى البلاد ويواصل نشاطه فناناً وتربوياً.

وقد زار عشرات المتاحف الفنية في العالم. وأطلع عن كثب تجارب الفنانين العالميين ومدارسهم الفنية، وتأثر بها، ولكنّه تمسّك بتعاليم وأسلوب أستاذه الأول فائق حسن، حتى الآن، والتي تولد عنها هذا المعرض بصوره الرائعة.

تجربة ناجي حسين هذه، مواصلة رائعة للمدرسة البغداديَّة التي أسسها ورسَّخها كل من الفنانين جواد سليم وفائق حسن، التي ما زالت تبهر وتلفت الأنظار في المحافل والمعارض الدوليَّة، كونها مدرسة أصيلة بأسلوبها الفني ونهجها الفكري العميق.

ولد ناجي حسين في محافظة ميسان 1943. وحصل على بكالوريوس أكاديمية الفنون الجميلة/ قسم الرسم – 1971. دبلوم معهد الفنون الجميلة – 1967. شارك في العديد من المعارض المحليَّة والدوليَّة، وحاز على الكثير من الشهادات التقديريَّة. 

نفذ مجموعة أعمال زيّنت قصور الملوك والرؤساء في مؤتمر (القمة العربية) في بغداد. لديه عمل في المتحف الوطني للفن الحديث (ثورة العشرين) بستة أجزاء. ذكر اسمه من ضمن نخبة متميزة بعد الاستبيان الرسمي لدائرة الفنون التشكيلية، عن أبرز المساهمين في معارضها المتواصلة.

وهو عضو في كل من: نقابة الفنانين العراقيين/ 1973. جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين/ 1974. نقابة المعلمين/ 1971. رابطة التعاون الثقافي العراقي – الإمارت/ 

بغداد – 2006.