{ليلى وأخواتها}.. منعته الرقابة وكرمه {كان}

ثقافة 2023/05/15
...

علي حمود الحسن
أثار فيلم "ليلى وأخواتها"(2023) للمخرج سعيد روستايي(30 عاماً) جدلاً واسعاً في إيران، على الرغم من تصويره داخل طهران، وحصوله على جائزة النقاد في مهرجان كان السينمائي75، ربما لأن مشاركته في "كان" مرت من دون موافقة الرقابة، فضلا ًعن رفض المخرج إجراء "تعديلات طفيفة عليه، اقترحتها هيئة السينما". 

   الفيلم بعيداً عن مضمرات محموله، فريد في سرد أحداثه، التي اعتمدت حوارات شخصية ومكابدات واقعية، على هامش أزمات اقتصادية ضاغطة، لكن روستايي حولها من خلال مصور موهوب(هومان بهمنش) ومونتير عارف(برهام دهقاني) إلى متواليات سردية شيقة مذكرة بأسلوب أصغر فرهادي وقدرته الإعجازية في تخليق قصص من حوارات عادية، ففي مشهد زواج ابن عمه بيرم (مهدي حسيني) الباذخ يتوج إسماعيل شيخاً بعد أن تعهد بدفع 50  قطعة ذهبية، فيتيه زهواً، قبل أن يتقوض كل ذلك، إذ لا قطع ذهبية، فقد أخفتها ليلى وغادرت الحفلة، ليهوى من عرشه، ويرشح غريمه، فيطرد مهاناً ذليلاً، كل ذلك حدث خلال ثوان بلا تمهيد، معتمداً على أداء استثنائي لممثلين كبار، لا سيما سعيد بورساميمي الذي تحمل أعباء شخصية الأب المركبة، فهو الوضيع والمدمن، الذي يطمح أن يسترد كرامته، من خلال تتويجه رئيساً لعشيرته، وإن كان الثمن دفعه لكل مدخراته، التي أخفاها عن أسرته المشرفة على الإفلاس، محققاً حلمه في واحد من المشاهد الساحرة، إذ يتوج رئيساً ويحتفي به الجميع، لكن الأمر لا يستمر سوى دقائق، حتى يطرد لأن ليراته الذهبية أخفتها ابنته، بينما قدمت تارة علي دوستي دور ليلى التي تكافح من أجل إنقاذ أسرتها وإن كان ذلك بحلول "بعيدة عن الواقع"، فمثلاً أقنعت إخوتها بشراء "المراحيض" التي يعمل فيها بارفيز(فرهاد اصلاني) لتحويلها إلى متجر، يشتد الصراع بين الإخوة وأبيهم وأمهم من جهة وبين شيخ العشيرة، فضلاً عن صراعات أخرى بين منوشهر، وشريكه ومحنة علي رضا وزملائه المضربين، الذين خذلهم بهروبه من دون المطالبة بحقوقه، لكنه بعد المحن التي مرت بها أسرته، يتطهر ويطالب بحقه في المصنع، يموت الأب في واحد من المشاهد الملحمية، وهو يحتفل بعيد ميلاد حفيده، وسط حضور الأقارب وأصدقاء العائلة، يكتشف علي رضا  موت أبيه، لكنه يكتم الخبر، فهو لا يريد تعكير سعادة الأطفال، يشاركهم الرقص مذبوحاً من الألم، يتكاتف الإخوة في تهريب  منوشهر بجواز مزور، لكنه يجتاز التفتيش ويرقص رقصة الحرية، فيما ترتسم الابتسامة على وجوه الإخوة.   عمد روستايي إلى وضع شخصياته المأزومة، التي لا تنفك عن الصراع والاشتباك اللفظي والجسدي في أماكن ضيقة، حيث الكل يصرخ ويحاور، لكنه من خلال المونتير برهام دهقاني والمصور رامين كوشا وسيناريو "فريد" حولها إلى مشاهد نابضة بالحيوية والايقاع المرح، وأبعدها عن التمسرح.