«المواطنة 247» في منتدى نازك الملائكة

ثقافة 2023/05/16
...

 بغداد: مآب عامر


أقام منتدى نازك الملائكة في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، جلسة حواريَّة للروائيَّة بشرى الهلالي، للحديث عن روايتها «المواطنة 247» بحضور واسع. وبدأت الجلسة التي أدارتها الشاعرة غرام الربيعي، بعرض السيرة الإبداعية والحياتية للهلالي، فضلاً عن التطرق لعنوان روايتها المحتفى بها.

وقالت الهلالي في حديثها عن الرواية إن “بعض الكتاب يختارون الفكرة قبل الدخول إلى أي عمل أدبي، بالنسبة لي الموضوع مختلف حتى بالنسبة لعملي في الصحافة، إذ أدخل في العمل أكثر، بعدها أقوم باختيار العنوان لأنني مؤمنة في أنه قد يقيدني أو يأخذني في سياق محدد».

وتتابع أن رواية «المواطنة 247» كان لها عنوان آخر، ولكن وأنا اكتب الرقم 247 افترضت في فترة ما قبل 2003 حينما كان النظام بوليسياً ولكل فرد منا، رقم في سجل المخابرات، إذ كنا مجرد ارقام لم تكن لنا اسماء، لذا كل شخصيات الرواية هي من دون اسماء عدا البطلة «آمنة»، والبطل «سلام»، وهما اختارا أسماءهما من دون اختياري، أنا فقط افترضت أن لكل أسرة في الرواية، لها تسلسل، وأن كل من يقرأ الرواية سيعرف لماذا هذا التسلسل الذي هو مثل نظام البرمجة، أو مثل أي بيت مرقم، أو سيارة مرقمة، أيضا المواطن هنا مرقم، لذا قمت باختيار الرقم بطريقة عشوائية، واكتشفت اختياري للرقم 247.

وأشارت إلى أن الرواية تقع ضمن فترة زمنية وهي الأشهر الإخيرة قبل العام 2003، والأشهر الأولى بعد هذا العام. وتابعت أنا من وجهة نظري كامرأة عاشت هذه الفترة في التسعينات، حيث كان ثقل الحصار على المرأة أكثر من الرجل، «ربما أنني امرأة عانيت كثيراً في تلك الفترة، أتذكر كيف حفرت في الصخر حتى يعيش اولادي، الرجل أيضا كان كذلك، جميعنا عانينا، ولكن كان الحمل الأكبر على المرأة، لأن عليها تدبير الأمور في ظرف كل شيء فيه مقنن، خصوصا الموارد المادية».. وتؤكد أن «امنة البطلة قاتلت في هذه الفترة حتى تعبر، والسؤال الذي تطرحه البطلة والذي تطرحه الرواية أيضاً: هل حدث ما يوازي كل ما عانيناه، وهل وصلنا إلى ما كنا نحلم به؟

كما وتحدثت الهلالي عن تناول الرواية للبرمجة، وبرمجة القدرة على الأفكار، التي جاءت هذه الفكرة عن السكن في مناطق ينقطع فيها التيار الكهرباء والاعتماد في توليد الطاقة الكهربائية على المولدات وتأثير ذلك على مسألة الإنسانية وغير ذلك من تفاصيل معنية بهذا الشأن.من جهته، يؤكد رئيس الاتحاد الناقد علي الفواز أن رواية «المواطنة 247» اثارت الكثير من الجدل، فهي ربما تنتمي إلى فضاءات الواقعية السحرية، الواقعية الفنتازية. ويقول: ربما اختلف مع المحتفى بها بأن الرواية هي كتبت نفسها وهي بهذا التصميم، ودقة التصرف بالزمن والشخصيات، لأنه لا يمكن أن تكون عفوية، لكن هناك حمولات داخلية لدى المؤلفة ربما فيها من الجاهزية ما جعلت أن تكتب رواية بهذا المستوى والتقانات والتوظيف الرمزي، بنقد السلطة، نقد الفحولة، نقد المهيمنات، نقد التمركزات، هذه النقود لا يمكن أن تأتي عفوية، إذ لا بد أن تأتي من عقل مصمم، لا سيما أن الرواية هي الفعل الابداعي الوحيد الذي يصمم له، كونها تحتوي على زمن ومكان وشخصيات وكذلك فيها حدث وصراع، فلا يمكن لهذه الوحدات التكوينية أن توظف إلا من خلال عين رائية حتى يمكن أن تفعّل الجهد السردي. 

أما أمين الشؤون الثقافية في الاتحاد الشاعر منذر عبد الحر، فيقول: أنا مع العفوية في كتابة أي عمل، لكن العفوية في المنطلقات، مطلقاتنا دائما حين نكتب الجملة الأولى ولا ندري أين تقودنا إلى مسرحية، أو إلى عمل روائي، أو أن تمكن منا هذا العمل ليقودنا إلى أن نخطط له بدقة عالية سيكون عملا عبثيا لا جدوى منه. 

الرواية منطلقة من الواقع بشكل كلي وتذكرني بروايات الظواهر الاجتماعية التي منها رواية «العمى» حيث توكد هذه الرواية على أن الجميع يشتركون بأحاسيس واحدة، هذه الاحاسيس التي تجعل سلوكياتهم ذات معطى معين. فالعمل هو الذي رصده الروائي، وكان رصدا مدهشا كونه شهادة فنية وإنسانية لمرحلة مهمة من حياتنا.. أنت الأجمل في هذه الرواية والاشارات الذكية في تحديد بعض الأزمان لم تذكر الازمان مباشرة، ولكن أشرت إليها عبر ظاهرة حدثت حينها. 

في المقابل تحدث الناقد الدكتور جاسم محمد جسام عن فكرة انزياح الراس عن الجسد وعودة الراس مرة أخرى، ويقول: هي الفترة الزمنية بين فقدان الوعي وعودة الوعي، هي فكرة مهمة جدا تنم عن وجود روائية كبيرة ومبدعة، وأنا من المعجبين بهذه الفكرة، وبهذه الثيمة اختفاء الراس وعودته يعيدنا إلى فكرة عودة الوعي. 

ويضيف: «المواطنة 247» رواية تتحدث بكل تفاصيلها عن الواقع المعلن والخفي، وكذلك ملامح للإدراك في مستويين متجاورين، وهما الشكل والمضمون، فهي ليست نقلا للواقع واحتجاجاً عليه فقط، وانما هي كيان فني يفسر الواقع ولا ينقله كما هو باستعمال تقنيات كنافذة، هناك أمور عدة تستوقف القارئ في الرواية، القضية الأولى التوظيف المكثف للغة المتوفرة على مستوى لغة السرد، أي يشكل هذا الاستخدام لهذه اللغة محاولة مهمة لتنامي حركة السرد وتطوره، أما القضية الأخرى فهي انبثاق ما يعرف بالمعرفة السردية التي تعد من المصطلحات المهمة في مسارات الرواية، وهذا جاء من خلال المسار القيمي لأحداث الرواية اختفاء الرأس وعودته بين حين وآخر واحدة من المسارات المهمة في مجال هذه المعرفة السرديَّة، ما يجعلها معرفة إبداعيَّة بعيدة عن أي جمود أو موضوعية مطلقة.. أي أنها تقترن بمرجعيَّة نصيَّة تؤسس لها جماليَّة النص.

وتخللت الجلسة العديد من المداخلات منها للناقد بشير حاجم والشاعرة سمرقند الجابري، والروائي أسعد الهلالي، والناقد كاظم النصار، والكاتبة عدوية الهلالي والدكتورة لاهاي عبد الحسين وغيرهم.