ذكرتنا بالأولين.. وأتعبت التالين من بعدك

ثقافة 2023/05/17
...

بهاء عبد الستار

أقامت جمعيَّة الخطاطين العراقيين (المركز العام)، مجلس عزاءٍ على روح فقيد الحرف العربي الأستاذ عباس شاكر جودي المعروف بـ”البغدادي”، على قاعة المناسبات في حسينية عبد الرسول علي في الكرادة الشرقية يوم الجمعة المصادف 5 / 5 / 2023 بحضور جمهور غفير من خطاطي العراق ونجل وأقرباء الراحل.

برز حرفه على أقرانه في بداية سبعينيات القرن الماضي ومنع الموت لقاءه بعميد الخط العربي هاشم البغدادي. تميز بدقته في تشريح الحروف لطلابه وإيضاح النسب بين الكتابة واللوحة والاهتمام بدقة المخطوط مهما كان بسيطاً، لا يجامل على حساب الحرف ويشرح درسه للمبتدئ من تلامذته مثل شرحه للمحترفين منهم، علمنا الاهتمام بالأدوات المستخدمة في عملنا والحرص على نظافتها اسوة بمبضع الجراح الخالي من الميكروبات، الخط في مفهومه رسالة وليست مهنة كرس كل حياته لها.

كادت المدرسة البغداديَّة أنْ تندثرَ برحيل تاجها المرحوم هاشم لولا تسلم أستاذنا زمام القيادة، ليعلن مرحلة جديدة من المشق والتمرين والكتابة متأثرا بالأولين وإخراج جيلٍ من الشباب الواعي والحريص على الحرف القرآني.

البغدادي الذي ربى نفسه بنفسه قد فاق نهج سابقيه، فقد استغل دراسته لكتابات أعلام الخط في الدول الإسلاميَّة، وكان يريد العودة إلى أصالة الخط العربي الإسلامي وتحقق له ذلك.

فقيدنا كان يرى أنَّ الأقدمين الأتراك ابتداءً براقم ومروراً بسامي أفندي ونظيف وانتهاءً بحامد الأمدي، أخلصوا بشكلٍ كبيرٍ للحرف القرآني وكانت صومعاتهم هي روضات للتصوف والزهد بكل مباهج الدنيا، لذلك أثمرت حياتهم تحفاً ستظل خالدة للأجيال. أنهى الاحتكار العلني للأتراك بعد وفاة آخر الخطاطين العظام (حامد الامدي). 

موهبته كرسام في بداياته أسهمت في تميز حرفه ودقة تراكيبه، نال جائزة بغداد لأفضل الرسامين الشباب (بغداد) 1969.

تزامنت موهبة البغدادي وسطوع نجمه في سبعينيات القرن الماضي مع تحولات مهمَّة في الشأن السياسي العراقي، حيث بدأت الحرب العراقيَّة الإيرانية وما ظهر من انعكاسات على الحركة الفنيَّة في العراق، كان لأستاذنا الراحل موقفٌ مميز من المحاضرات التي كانت تجرى في قاعة جمعيَّة الخطاطين العراقيين بالرغم من التزامه وارتباطه بموقعه الوظيفي.

* عمل خطاطاً في الدار العربيَّة للطباعة والنشر ودار الحرية للطباعة والنشر ببغداد 1975 - 1980م.

* أستاذ الخط العربي لجمعيَّة الخطاطين العراقيين ببغداد العراق 1975 - 1990م.

* شغل منصب رئيس جمعية الخطاطين العراقيين ببغداد العراق 1999 - 2003م.

* كتابة العديد من اللوحات الخطية على جدران المساجد العراقية وبعض الدول العربية، فضلاً عن تدريس مادة أصول وقواعد الخط العربي. 

* خط العديد من أغلفة الكتب العلميَّة والأدبيَّة والثقافيَّة والدينيَّة.

أنتج البغدادي العديد من الكراسات، وتعدُّ كراسة «ميزان الخط العربي» التي أنهاها عام 1986 أول نتاجاته، قبل أنْ يصدر كراسة «النسخ المصحفي» المتخصصة في خط النسخ تشريحاً وتفصيلاً، والثالثة كراسة «تحفة الميزان» لمجموع الخطوط العربية التي أنتجها بطريقة جديدة لا تشبه الكراسات السابقة عام 1990.

تتلمذ على يديه مئات الخطاطين أبرزهم الأستاذ نبيل الشريفي والأستاذ مثنى العبيدي اللذان بدورهما خرجا مئات الخطاطين في مشارق الأرض ومغاربها واللذان أنهيا حقبة احتكار الأتراك لهذا الفن العريق. وأعاد الخطاط الراحل لمدرسة الخط العراقيَّة هيبتها ومكانتها عربياً وعالمياً، ومنح عدداً كبيراً من الخطاطين إجازات من داخل العراق وخارجه، وذلك اعترافاً بما بلغوه من إتقانٍ وإجادة في فن الخط العربي.

ملكاته جعلته متمكناً من زخرفة اللوحة وإخراجها فنياً، علاوة على مخيلته الواسعة في التصميم ومزاملته لفنيي المطابع والإخراج الفني والتحضير الطباعي.

وبعد استقراره في الأردن، درس البغدادي مادة الخط العربي في العاصمة عمّان واستمر في عمله حتى العام 2008، وصمم بعض أعمال الخط العربي للعائلة الملكية الأردنية. قام بتدريس مادة الخط العربي في عمان (الاردن) عام 2003 - 2008.

وفي العام 2006، خطَّ البغدادي عناوين كتاب الكسوة الشريفة في مكة المكرمة، كما شارك في المعرض الخاص للخط العربي في إمارة الشارقة عام 2007، وصمم العملة الخاصة بإمارة أبو ظبي في العام ذاته. كما صمم بعض أعمال الخط العربي للعائلة المالكة الاردنية.

وشارك في المعرض الخاص للخط العربي في إمارة الشارقة (الامارات العربية المتحدة) عام 2007.