عبد الكريم عبد القادر.. صوتٌ يُلامس الروح

ثقافة 2023/05/17
...

 بغداد: الصباح 

استطاع الفنان عبدالكريم عبد القادر أن يشكل علامة مهمة وبارزة في الغناء الخليجي والعربي تمتاز بكثافة الحزن وعمق الاداء التعبيري، صوته يتوغل بمشاعر المستمعين، مع اختياراته الدقيقة بانتقاء الكلمة واللحن، فكان صوته أشبه بمناديل شفافة تمسح عن الروح أدران الحزن.

امتدت رحلة عطاء عبد القادر لـ 60 عاماً، أثرى خلالها الساحة الفنية بالعديد من الأعمال الغنائية المميزة .

قدم مئات الاغاني في 47 ألبوما غنائيا، واعتمد في رحلته الغنائية على موهبته، إذ بدأ حياته العملية موظفا في وزارة الداخلية، وعمل في الجمارك ثم في وزارة الإعلام قبل تقاعده.

وحاز على العديد من الجوائز العربية من بينها: جائزة الأسطوانة البرونزية في مهرجان القاهرة الغنائي عن أغنية "جمر الوداع"، وجائزة أفضل أغنية في مهرجان القاهرة عن أغنية "شخبارك".. وغيرها. 

كذلك قدّم العديد من الأناشيد والموشحات الدينية في بداية حياته الفنية، لكن أغنية "خليك معاي في الراي"، شكّلت بداية نجاحاته وشهرته.

منذ ستينيات القرن الماضي، أصدر عشرات الأغاني، التي لاقت رواجًا خليجيًا وعربيًا.

قدم عبد القادر تجارب غنائية مثلت محطات فنية من حياته وعكست بذات الوقت شخصيته وكيانه الفني، من بينها "ظالم، ليلى السهارى، ما نسيناه، غريب، عاشق، أعترف لج، الصوت الجريح... وتعدّ ليل السهارى من أفضل ما غنى.

حصل عبدالقادر في بداياته الغنائية على مساندة كبيرة من الثنائي المتميز أحمد باقر وعبد الرحمن البعيجان، وتعلم منهما أساسيات الغناء، حيث كانا مدرسته النموذجية في الفن، وكانا داعمين أساسيين لخطواته الأولى في مسيرته الغنائية، وغنى حينذاك أغنيته الناجحة "بوعيون فتانه" التي كتبها الشاعر يوسف ناصر ولحنها أحمد باقر.

نسج الثنائي الشاعر خليفة العبدالله الخليفة والملحن عبدالرحمن البعيجان رائعة جديدة وقتذاك بعنوان "ليل السهارى" التي وضعت الفنان عبدالكريم عبدالقادر على سلّم الشهرة بعد أن ذاع صيتها، وأكد من خلالها قدرته على الأداء المتقن وتوظيف خامته الصوتية بالطريقة التي تحاكي الروح وتحفّز العقل وتشعل العواطف.

شكل الراحل مع الشاعر يوسف ناصر والملحن البعيجان ثلاثياً ناجحاً من خلال التعاون المتواصل بينهم، وأثرى هذا التعاون الحركة الغنائية الكويتية بالكثير من الأغاني المتميزة التي لا تزال مطلوبة من المستمعين، وولد من الرحم الإبداعي لهذا الثلاثي "ليالي الأمان" وفي بداية السبعينيات جاءت "اللي يعزّنا" والأغنية الشهيرة "ما نسيناه"، وأغنية "جاني يشتكي".

في فترة السبعينيات أيضاً واصل عبدالكريم عبد القادر مشواره الفني الناجح من خلال بحثه الدائم عن العناصر المبدعة، فشكل ثلاثياً جديداً مع الشاعر بدر بورسيلي والملحن الدكتور عبدالرب إدريس، فجاء الإنتاج ثريا في المعنى وفي الصياغة الموسيقية.

تعاون عبد الكريم عبد القادر مع العديد من الشعراء والملحنين منهم الأمير بدر بن عبد المحسن الذي كتب له "آه يالجرح" و"كل عام وأنت جرحي" و"ضحاي أنت"، "يطري عليه الوله".

حفلت تجربته الإبداعيَّة بالتعاون مع أسماء مهمة بالساحة الخليجيّة منهم: مرزوق المرزوق والأمير خالد الفيصل والشاعر مبارك الحديبي والملحن خالد الزايد والملحن غنام الديكان والشاعر خالد البذال والفنان الكبير سليمان الملا وإبراهيم الصولة وأنور عبدالله ومشعل العروج وطارق العوضي وساهر.. وغيرهم.

في بداية تسعينيات القرن الماضي، وتحديداً في العام 1993، قدّم عبد الكريم عبدالقادر ألبوماً حمل عنوان "شفتك" والنقلة في هذا الألبوم أنه جاء ببصمة جديدة، حيث تعاون مع الشاعر الأمير خالد الفيصل في أغنية "نامت عيوني" وألحان الراحل طلال مداح، وأغنية "جرح الضمير" للشاعر الأمير فهد بن خالد، و"أقول في نفسي" للأمير سعود بندر و"شفتك" لمبارك الحديبي وألبوم "آن الأوان" للشاعر الكبير فايق عبدالجليل و"من قال أنا مابيك" لعبد اللطيف البناي، وفي العام 1997 قدّم ألبوم "الحنين" شارك فيه الأمير فيصل بن سلطان شاعراً وخالد عبدالكريم ملحناً.

تبقى الكتابة عن فنان بقامة عبدالكريم عبد القادر بحاجة إلى إيقاعات متنوعة وأنغام تتنقل من مقام إلى آخر، والإبحار في مسيرة الراحل يحتاج إلى أكثر من ذاكرة، فحياته الفنية عبارة عن مراحل متعددة يتلاطم فيها موج الإبداع.

عاش مسافراً في أعماق الكلمة باحثاً في عذوبتها وعن جُملٍ موسيقية تمنح صوته شجناً إضافياً يلامس الروح ويوقظ الأمل فيها.