موتُ الجمال

ثقافة 2023/05/25
...

 الشاعر جون كلير

 ترجمة: رزان الحسيني


(1)

إلى الرضى

أيّها الرضى البهيج، ليكن مسكنك لي،

لا تستهِن بدعواي؛

الذين يفضّلون العالم على عالمك

سيجدوها مُضلّلةً وعبثيّةً؛

من الآمالِ والعواصف المُحطّمةِ، أُحلّق

حتّىٰ أُخبّئ نفسي في سمائكَ الساكِنة.

يُقابَلُ المُتملّقون بالابتسامات

ويجد المُحتالين أصحابهم،

وسيُلقى الذين يجولون خارجاً

بتحسيناتٍ صغيرة؛

كصغارٍ تحت الشمس

يبحثون عن زهورٍ في الشتاء ولا يجدوها.

البعض يُطأطئُ للعبيدٍ الوضعاء

البعض يعبدُ القوة المُستبِّدة

البعض يركعُ للأشرار،

سَيرون ثمنَ الإرث الأرضيّ،

الذين لم يتعلّموا سداده،

ويرتدُّون خاليي الوفاض.

نعمة الأرض هي المُجاملة

وحُبُّ الحياة ليس سوى المقت،

سوى تمجيد ما يستهجنونهُ بالقلب،

في الكنيسةِ والبَلد، يا للأسف.

والذين لا يلعبون هذه اللعبة

عليهم أن يُخفوا إراداتهم، ويتجنّبوا العار.

وهكذا، تجدُ المُجاملة أصدقاءً

في كلِّ مَنزلةٍ ومنزِل،

وهكذا، قول الحقيقة

يُسيءُ للوضيعِ والعظيم.

بيدَ أن على الحقيقة آخِراً أن تُزهر وتبزُغ

حين يتلاشى حمق المُجاملة ويموت.

غطرسات الكبرياء كلّها ظلالٌ

وتخمة الثراء هي دُمى الشرف،

مؤهِلاتها غالباً ضئيلة،

وليس تمجيدها سوى ضجيجٌ فارغ؛

أقواس القُزحٍ على سماءِ أيار،

ستتلاشى قريباً، ولكنّها تندرُ ما إن تفعل.

ثم، أيُّها الرضى العذِب، ليكن مسكنك لي؛

إذا كان على الآلام أن تستمرّ

ستهزّها ببسماتكَ هذه،

كما يفعل الصباح بالندى،

وكما يضمحلُّ فكر الآمال المحطّمة

سيُجاهد قلبي ويكون مُنيراً.

وباختفاءِ الآمال من الأرض

لن أكونَ يائِساً معك،

لأنَّ بمقدورك النظر للسماء لتسمع

المُتشرّد الذي يصرخُ هُناك،

وترى ابتسامتهُ، وتُدرك بعطفٍ

أن الخسّارة التي واجهها كانت مكسباً لي.


(2)

الآن وقد رحلتَ، هربت الزهرةُ الجنيّة،

تلك التي كانتْ تُزيّن سابقاً حديقةَ الوهمِ المُشرقة.

مُلكِكَ، هو الندى الذي غذّى حُمقها

والشمس التي تلألأتْ فيها صُبحاً.

الآن وقد رحلتَ، غرورها ذَبِلَ في ثوبٍ صنعتهُ هي

من الحشائش السامّة،

والزهو يُهملها في مسرحيّته.

كنتَ أنتَ الدليلُ المُطلقُ لمجدِها،

وهجها المُستعار، كان يوقَدُ مِن شُعاعك،

ومثل الحشراتِ الراقصة التي تَغويها الشمس،

بالكاد اهتمّتْ أنه كان مُستمدّاً منك.

بهجاتٌ فارغة! ما هم الآن وشمسُك بعيدة؟

ما هم! سوى ظلالٌ مسكينة، يُخفيها فراغُ الليّل

كما يُخفي القبرُ العار.