سعاد البياتي وغيداء البياتي

  تصوير: مصطفى الجيزاني 

لا يشكل تاريخ الحادي والثلاثين من آيار أدنى حدث في عالم السيجارة والأركيلة، التي انتشرت بشكل كبير وملفت في بلدان العالم اجمع، لاسيما مع افتتاح العديد من مقاهي الشباب والكازينوهات التي تروج فيها انواعا المتعددة من التبغ، معظم المدخنين البالغين بدؤوا في سن صغيرة، معتقدين أن يدخلوا عالم الكبار، وانه اكثر جاذبية ورجولة وانه الحرية بحد ذاتها.

(اسرة ومجتمع) استطلعت آراء الشباب المرتادين صالات الاركيلة وآخرين ممن اعتادوا التدخين او ممن اقلع عنها.

يرى زيد محمد 25 عاما  أنه «بدأ التدخين في سن مبكرة نتيجة وفاة والدته التي شكلت جزءا مهما في حياته، فتربى بعدها على العدوانية والعنف لتطفئ السيجارة والاركيلة مما يعانيه من مشكلات اجتماعية وعلى حد وصفه»!

ويلجأ حسين محمود 17 عاما الى التدخين المفرط، اذ يدخن اكثر من ثلاث علب في اليوم الواحد، ظنا منه انها تريح وتهدئ اعصابه طالما انه يحيا حياة متوترة ومكتئبة طوال اليوم، فهو وعلى حد تعبيره لا يملك عملا دائما، انما يوفر مبلغ السجائر من عمله المتقطع في مهنة البناء، وعلى حد ظنه أن لجوء المراهق الى التدخين لاعتقاده ان ذلك قد يكون حلا لبعض الضغوطات النفسية او الاجتماعية او المرضية التي قد يتعرض لها

نظرا لتأثر المراهقين بأقرانهم أكثر من الكبار، فغالبا ما تبوء بالفشل محاولات الآباء والأمهات والمدارس والعاملين في المجال الصحي، من الأطباء وغيرهم في منع المراهقين من تجربة تدخين السجائر، ويترك المدخن الشاب لمصيره، إما أن يتوقف بمفرده أو يستمر.

تأثير اجتماعي واقتصادي

رئيس جمعية الاطباء النفسانيين العراقية د. حيدر المالكي قال  :» التدخين كما هو معروف ظاهرة سلبية منتشرة في كل المجتمعات، سواء في الغربية او العربية وهي من الظواهر غير المحببة التي تسبب الكثير من المشكلات، كما ان لتلك الظاهرة تأثيرات اجتماعية واقتصادية حيث انه بكل انواعها المتمثلة بالسجائر او الاراكيل الزجاجية والالكترونية تؤثر في مستوى المعيشة للفرد والمجتمع، وحتما لها آثار سلبية على صحة الانسان، كونها تحتوي على مواد كيمياوية مثل النيكوتين، الذي يؤثر حتى فيالاشخاص المتواجدين في تلك الاماكن، التي يتم فيها التدخين وهذا يسمى «التدخين الثانوي او السلبي»، اي مجالسة غير المدخنين للا شخاص المدخنين فهم يتأثرون بالمواد التي تحرق اثناء تدخين الاركيلة او التبغ مثل اول اوكسيد الكاربون والزرنيخ وغيرها من المواد المسرطنة، التي قد تسبب انواعا من الامراض السرطانية، سواء للمدخن او للشخص المتواجد في الاماكن التي يكثر فيها التدخين خاصة في المقاهي ولمطاعم او المناطق العامة» 

الدكتور حيدر اكد ان هذه الظاهرة تؤثر وبشكل مباشر في هيئة ورائحة الشخص نفسه فهو يقول :» السكائر عند حرقها تسبب رائحة كريهة بفم وجسم الانسان، وانها تؤثر في الاسنان ايضا، ويتسبب بأصفرارها وتشويه جمالها وانها تؤذي كل اعضاء الجسم، لذلك فأن منظمة الصحة العالمية في العام 1987 اعلنت اليوم العالمي لمحاربة ظاهرة التدخين الذي يوافق 31 ايار من كل عام، لتذكير العالم بمخاطر هذه الآفة التي تسبب سنويا بوفاة ما لا يقل عن خمسة ملايين شخص  نتيجة الاثار السلبية له، على ان يكون هذا اليوم من دون تدخين، وهذا الاجراء مهم وحيو، بالرغم من انه لم يتسبب بمنع او تقليل التدخين لكن الخيرين في منظمة الصحة العالمية، وبمساعدة منظمات انسانية ومنظمات مجتمع مدني قرروا في هذا اليوم ان يذكروا العالم بمساوئ تلك العادة السلبية ويحتفلون بها سنويا». 

واستطرد المالكي :» منظمة الصحة العالمية اصدرت قرارا في العام 2008 بمنع الاعلانات عن جميع الانواع الخاصة بالسكائر، اي لا يسمح لاي وسيلة سواء التلفاز او وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها بالترويج عن التدخين، بل وألزمت جميع شركات ومصانع هذه المادة بوضع علامة تحذر الناس من مخاطر التدخين، ونحن بدورنا نحب ان نذكر المجتمع العراقي بضرورة الابتعاد عن جميع انواع التدخين، كما نطالب السلطات العراقية بتشريع قوانين تمنع فيها التدخين في المناطق العامة لتأثير التدخين السلبي على صحة الفرد االجالس في تلك الاماكن» 

أضرارٌ صحية

الدكتور والاستاذ في الامراض والانسجة والمناعة بكلية الطب/ وطب الاسنان العراقية  خليل حسن الجبوري اوضح بالقول :» التدخين يؤدي إلى حدوث التهاب الرئة ويقلل مناعة الجسم، كما انه يزيد من التهاب القصبات الهوائية والمجاري التنفسية العليا والسفلى، كما أنه سبب رئيس للإصابة بمرض السرطان وبأي مكان في القناة التنفسية «الرئتين، والقصبة الهوائية، وفي الانف»، حيث إن السجائر تحدث تغييرا في تركيب خلايا الجسم، ثم تتكاثر وتفقد السيطرة وتصبح سرطانية، ونحن في مختبراتنا التحليلية نرى أن اغلب المدمنين على التدخين يصابون بسرطان الرئة والتهاباتها وتفحم الرئتين بسبب دخان السجائر». 

فالمدمن على التدخين عليه ان يتمتع بقوة الارادة ويستعد لترك هذه الظاهرة، التي تتسبب بأضرار جسدية ونفسية واقتصادية، وبالتالي اجتماعية فهنالك أسر بأكملها اعتادت التدخين، سواء السيجارة او الاراكيل، والسبب الرئيس هو الأب مثلا أو الأم فالإدمان على التدخين من قبل رب الاسرة يؤدي الى تعويد افرادها عليه، لأن جهازهم التنفسي سيتشبع بدخان تلك المادة المحروقة وستصبح الرائحة الكريهة المنبعثة من السيجارة بالنسبة لهم طبيعية، وبالتالي سيدمنون تدريجيا، وهذا ما يؤثر سلبا في صحتهم وتواصلهم الاجتماعي،ومؤكد انه يؤثر سلبا في صرفيات الاسرة، لأن علبة السجائر لا تستنفد صحة الانسان المدخن فقط، بل تمتد لتشمل استنفاد ما بجيبه ايضا من نقود قد يحرقها المدخن على هذه المادة المميتة تدريجيا.