تشكيليون : الغموض في اللوحات الفنية سببه ثقافة المتلقي !

ثقافة 2019/04/23
...

 عبد الجبار العتابي  
  في كل معرض تشكيلي احاول ان اسأل بعضا من الجمهور العادي عما يفهمه من اللوحات الفنية المعروضة ،لكنني لا اجد اجابة شافية بقدر ما يترك الذي اسأله عندي انطباعا انه لم يفهمها تماما ويتعلل البعض بإعجابه بشيء منها كالالوان والخطوط واللمسة ، لكنه يرى ،في كل الاحوال، ان الغموض يحيط باللوحة ،وحينما احاول البحث عن الاجابة عند النقاد او المهتمين بالفن التشكيلي اسمع منهم اجابات مختلفة منها ان على المتلقي ان يفهم منها ما يفهم أو ليس من الضروري ان تكون اللوحة مفهومة فيما يرى البعض ان اللوحة لرسامها، فيما يرى البعض ان هذا (عدم الفهم) يمثل (ازمة) سببها للتربية الفنية تتحملها وزارات التربية والاذاعة والتلفزيون والصحف والمجلات التي لم تول اهتماما جديا للفن،وكنت اسمع من البعض مطالبته لوزارة التربية ان تهتم بالتربية الفنية وتوليها اهتماما ولو بنسبة 5% مما توليه من اهتمام بالرياضة مثلا .. لاصبح المتلقي العراقي يفهم اللوحة من اول تأمل لها ،حاولت ان اجمع كل الافكار واذهب بها من خلال سؤال الى بعض من يهمهم الامر ، كان سؤالي هو : من خلال مواكبتنا للحركة الفنية الحديثة ما زلنا نسمع الكثير من الشكوى حول الغموض الذي يكتنفها وعدم فهم ما تقوله اللوحة .. بما تفسر  
ذلك ؟، 
فجاءتني الاجابات .
فقد ألقى الفنان والناقد ناصر الربيعي، ببعض من المسؤولية على المتلقي، فقال : ربما أسهم التطور الذهني للفنان وتعدد محاور ثقافته الفنية الى تطور خطابه التشكيلي واعتماده أدوات غير مطروقة احيانا خصوصا في عصر ما بعد الحداثة.
واضاف : وقد ساهمت المفاهيمية في إضفاء الكثير من الأسرار والغموض على العمل الفني لكون التقنية المستخدمة بالرغم من بساطتها التنفيذية الا انها تحمل تعقيدا في المعنى والتركيب
وحين سألته : هل تعتب على المتلقي، فقال :المتلقي يتحمل جزءا من المسؤولية في عدم الفهم لضعف الثقافة وخمول الفكر 
المجتمعي.
اما الفنان التشكيلي معراج فارس فكان عتبه على المؤسسات الثقافية ، فقال : المشكلة ان الحركة التشكيلية العراقية تلوثت من خلال دعاة الفن التشكيلي والمتلقين لهذه العروض الدخيلة من خلال مؤسسات ربحية بائسة. ضلت اللوحة التشكيلية العراقية في مكان بعيد عن عيون لاترى حفاظا على مكانتها لكن ابوابها مفتوحة للمتلقي. 
واضاف: العتب على مؤسسات الدولة الثقافية التي خربت الفن التشكيلي. وقدموا لهؤلاء انواط شجاعة ودروع.
وتابع: اللوحة الغامضة ذات التقنيات والتكنيك اللوني تحتاج الى عيون ذات دراية مثقفة في التفكيك والتحليل من خلال القراءة الموضوعية للشكل واللون والمضمون. وهذه الحالة يراد بها متلقٍ له باع في متابعة الحركة التشكيلية بصورة عامة وطنية وعالمية إضافة للثقافة والبحث في خفايا الفن وسيرة 
الفنانين.
من جهتها اكدت الفنانة التشكيلية مروى الحايك  ان  الناس تحب الواقعي، وقالت : ان المتلقي عندما يشاهد اللوحة الفنية الواقعية ينجذب اليها لانه يفهمها من خلال نظرة اولى حتى لو كان طفلا ،اما الحداثة عند المتلقي فهي غير مفهومة بسبب التخلف او الجهل او عدم الرؤية من الناحية الثقافية الفنية على الرغم من الحداثة اصعب من الواقعية بسبب ان الفنان احساساته عالية ، فهو حين يمر بظروف ما او حادثة معينة او واقع مؤلم يحوله ويجسده باللوحة الفنية عن طريق الحداثة المأخوذة من المدارس الفنية .
واضافت :مابعد الحداثة، لا اعتقد ان اللوحة قابلة للشرح ، فالحداثة تعني ان كل شخص يفسرها حسب ما يشاهدها.
وتابعت :لا عتب على الفنان، فالفنان مليء بالاحساس لكن مع الاسف الفنان في العراق ليست له اهمية على عكس الغرب الذين لديهم الفنان شيء مهم اساسا .
 الى ذلك اكد الفنان والناقد التشكيلي قاسم العزاوي ان على المتلقي ان يشبع ذائقته الجمالية ليفهم اللوحة، وقال : كما معروف ان التشكيل شأنه شأن مفاصل الفنون الاخرى من قصة ورواية وشعر وو.. قد مر بمراحل تطورية من اساليب ومدارس ورؤى... ومر التشكيل بالتعبيرية والتعبيرية التجريدية والتجريدية الخ...  والفنان ينقل رؤيته الجمالية في منجزه التصويري او خطابه التصويري.
واضاف: الفنان لا يرسم خطابه عبثا ومموها، بل المتلقي عليه ان يثقف ذائقته الجمالية ويشبع عينه وذلك بمشاهداته المتكررة لما يعرض ويثقف ذاته جماليا كي يواكب كل جديد في الفن والادب... وبمعنى اخر.. ان يصعد للفنان ولا ينزل اليه الفنان كي يشرح له.
وحين سألته : هذا يعني ان العتب في عدم فهم اللوحة يقع على المتلقي فقط؟ اجاب : نعم المتلقي عليه ان يشبع ذائقته الجمالية.